الجمعة، 30 أكتوبر 2020

وائل، وأحزانُ الأبطال المنسية!

هُنا الديجافو، هنا تلك اللحظة التعيسة اللحظة التي يتذكر فيها عقلك، فتتسارع نبضاتُ القلبِ مسرعةً وكأن قطارًا سيدهسك، تنظرُ حولك على مرمى البصر لتتفقد كل شيءٍ، تعرف أنّك لم تكن هنا يومًا ما، لكن كل شيءٍ في هذا المكانِ يبدو مألوفًا بشكلٍ عجيب. ينتابك الهلع للوهلة، فتتوقف عن النظرِ وتتفقد جسدك ولربما تخرج هاتفك لتتأكّد أنّك هنا، ولست في أحد الأحلام، ثم تخبر نفسك أنّها مجردُ تهيّئات. 

كبرنا نحنُ في هذه الحالةِ حيث هُيّء لنا الكثير، خُيّل لنا أننا نستطيعُ، أن الحلول الثوريةُ على أرض الواقع تغيُّر حقًا، أن بذل الدماء والسعي الدؤوب في الشوارع تصنعُ المستحيل. علقنا في فجوةٍ من الديجافو تلك الفجوة التي كانت تخبرنا أنّنا كنّا هنا يومًا ما وانتصرنا. ولم يكن ذلك انتصارًا حتى! خُدعنا أم كنّا موهومين؟! أعتقدُ أنّها الثانيّة! كنا موهومين بالزهو والقدرةُ على التحرك في الشارع! ويا ليتنا عقلناها! كنا صغارًا! أخذتنا الحماسةُ وحميّةُ الانتصار أن ندخل معارك لسنا في جاهزيّةٍ لها! لم نكن ندرك أن مصالح آخرين ودولٌ أخرى على المحك، سمحنا لأنفسنا أن نكون لعبةً لأجندات خليجيّة وقطريّةٍ وتركيّة... أجنداتُ السيطرة وكسبِ السلطة ومدِ النفوذ! سرنا حاملين الكره والغضب تجاه الدولةِ دون أن ننظر إلى الأيادي الخفية! بل وسخرنا منها سخريّة الحمقى وأطلقنا النكاتِ والمزاحات وتبيّن لنا بعد ذلك ما تفعله دول الجوار والتمويلات! 

أنا أتفهمُ أخيرًا موقف العزيز (وائل غنيم) هو لا يعرفني ولربما لن يعرف أبدًا، أن تكون الشرارةُ التي حلمتَ أن تكون؛ الشرارة التي ستغير مستقبل العالم، وقد كان وانطلقت ثم لم تجري الأمورُ كما أردتها! بل ويعاني الكثير، وتحاولُ بشتى الطرق أن توقف القطار وسط زمجرةِ المحركاتِ من حولك لكن القطار قد خرج عن السكةِ الحديديّة... فتنادي بأعلى صوتك بأننا أنحرفنا عن المسار ويجب أن نثب من القطار! لكنهم يتهمونك بالجنون، ثم يسقطون وتحمل في ذاتك ألم ومرارة الفقدان، لأنك تصبحُ في نهايةَ الحكاية البطل ويتغنى بك الناس! ولكنّك لا تعتبر نفسك بطلًا أنت في الداخل فراغٌ... فراغُ الآلام والفقدان... وأنسانٌ جديد يحاول مجددًا أن ينهض من وسط الركام بطلًا على قدر التوقعات.

Crashing train and Broken Memories
 Crashing train and Broken Memories by TomTC

******



أراكم المرة القادمة...