الاثنين، 21 فبراير 2022

يوتوبيا البهائم!

يومًا ما ستُشرق الشمسُ على نُسخةِ الأرض التي يُريدها الجميع حيث سيكونُ الجميعُ سعداءً وراضين! كُل حلمٍ قد تحقّق أخيرًا...  الفروقُ وصارت الأرض يوتوبيا أخيرًا، كُلٌ الآن سعيد فقد انتهت سموم العمل... تولد في هذه النسخة ولا يهم أي مجهودٍ ستبذل أو على أيِّ قدرٍ من الذكاء أنتَ! لا يُهم فوظيفتكَ محفوظة ستُنهي دراستك وستقوم البلديّة بتوظيفك وستحصل على الحد الأدنى! سنخلّق لك وظيفة تناسبك، وستتقاضى أجرًا حتى ولو أمضيت وقتك كامله بالمنزل! الغذاء والكسوة والزواج حقٌّ مكفولٌ تصونه لك الأرضُ!

ستعمل نعم! ستعيشُ نعم! ستتزوج! وستمرح! وستكون سعيدًا!

ولكن ما معنى تلك السعادة؟ على قدر ما تحويه الكلماتُ السابقةُ من مفاهيمٍ للسعادة، يتحوّلُ البشرُ فيها إلى أنعامٍ يأكلون ويشربون ويتكاثرون في يوتوبيا للبهائم!

نتناسى دومًا أن البشر مجبولون على الإدراكِ وعالقون دائمًا في المعنى! تفقد السعادةُ ذاتها معناها حين تكون حياتك كلها سعادة، نُدرك أن أحلامنا تلك واليوتوبيا التي نأملها هي لا شيء سوى خزعبلاتُ أفكارنا تخبرنا بأنّنا نستحقُ كل شيءٍ وأن الأرض يجبُ أن تعطينا كل شيء!

نتناسى دومًا بأن نسأل أنفسنا معنى السعادة يجيء دومًا بعد عناء الوصول إليها! وأن معنى السعادة يختلف بإدراكنا في أبسط المواقفِ، فسعادتنا بوظيفةٍ قد يكون على حساب آخرين في كواليس الحياة التي لا نعرفها أبدًا، موتُ أحدهم، أو مرضهم على سبيل المثال!

أو أبعد من ذلك بكثير كما قال سورين كيركجارد: " ماذا لو أن كل شيء في هذا العالم هو عبارة عن سوء فهم؟ ماذا لو أن الضحك في الحقيقة هو عبارة عن بكاء!"


By: Santiago Caruso.


******


أراكم المرة القادمة...