الأحد، 21 أغسطس 2022

تعقيبًا على هوامش العودة.

ترهقني كثيرًا كلماتُ الناس حين أكتبُ شيئًا ويتصوّرون أننّي بكتابتي له أننّي أقتنع به أو أشعر به، أضحكُ دومًا في نفسي وأقولُ هل أنا بارعٌ إلى هذا الحدِ تفاخرًا، ثم أشعر بأنّ ذلك الفهم يضعني حيثُ أكره أن أكون في عقول من يتابعُ ويقرأ. وصدقًا لا أريد الخوضَ في الأقوال والنفوسِ التي ما تفتأ أن تقرأ شيئًا حتى تحاول إسقاط ما يدور في رأسها من أوهام ومشاعر وقناعات على الكلمات التي تخرج منّي أو غيري في هيئة نصوصٍ أدبية شأنها شأن الروايات والقصص القصيرة التي يحبكها الكُتَّاب لتظهر في هيئة حوارٍ أو لحظة ضعفٍ أو خيبة أو حتى فرح.

حين نكتبُ نأخذ ما في خيالنا لنصنع به قصصًا متشابكة بمشاعر أشخاصها الخياليّة وهمومهم، ليس شرطًا أن يكون هؤلاء نحنُ ولا من نحكي عنهم، هؤلاءِ أشخاصٌ خياليّة لا يمتون للواقعِ بصلة وحتى لو كانوا حقيقيّن فغرور الكاتبِ دومًا يدفعهُ ليغيّر سماتها وخصالها وشكلها، ليجعلها محبوبةً خيّرةً تجلبُ التعاطف والتفاعل، أو كذوبةً طالحةً بذيئةً لينفروا عنها، وتلك هي متعة الكتابة، أن ترسم بخيالك خيوطًا لتتشابك وتنسج لوحةً فنيّة؛ فنًا للنسيج والرسم بالكلمات! ولا أقصد بذلك تفاخرًا أو قولًا حسنًا لنفسي أو لغيري، فالبراعةُ هو أن تقرأ النص فتشعر به حقيقيًّا أمامك، يمسكُ ويربتُ على كتفيك في حزنك، أن تقرأ نفسك في الكلماتِ، أو تذكرك بموقفٍ ما سعيد، أو حتى تطوف بك تفاصيلها لتذكّر بحلمٍ محبوسٍ بداخلك، أملًا تنتظرهُ أو حبيبًا ترتقبه... أو ربما لترمق الصفحة شذرًا عن انتهائك لتقول: «إيه القرف والسطحية دي!».


 .Jacques de Gheyn II, Young Man Writing His Name


******


أراكم المرة القادمة...

السبت، 20 أغسطس 2022

هوامشُ العودة.

سألني أحدُ أصدقائيّ المُقرَبين أين أختفيت؟ أين ذهبت وأين ذهب كلماتُك وتدويناتُك؟، يقول هذه الكلماتِ بحزنٍ بالغٍ وإهتمامٍ لم أره أو أسمعه من أحدٍ منذ زمنٍ بعيد. لم أدرِ حقًا ماذا أقولُ؟ وعَجزَ لساني حقًا عن النطق بأيِّ كلمةٍ، وكأننّي لا أدري فعلًا ما الذي أوقفني عن الكتابة؟ هل شقَّت عليّا الدنيا وأخذتني كما تأخذ غيري إلى غيابات مجهولةٍ وإهتماماتٍ مسمومة، أم شَقْ عليّ القول بأننّي لم أجد هناك داعيًا أن أكتبَ!

والحقيقةُ الواقعةُ هي أن الحياة تسير بنا في منعطفات تصعد بنا لتهوي بنا مجددًا تمامًا كما في أفعوانيّاتِ الملاهي وصالاتُ الألعابُ ولكن ليس بنشوتها التي تحبسُ الأنفاس أو بما تعطيها لنا من سرور وغِبطة، على العكس تمامًا نقف على قدمٍ تهالكت نحاول النهوضَ مُدعين أن هذه هي الحياةُ في ترتيبها ونظمها، تُعلمنا وتُهذّبنا!

إن الهوامش التي نخطها هي تعبيرٌ عما يجول في خواطرنا وحسب، عن تجاربنا وبذور الأفكار التي نحاول إنباتها لكن ماذا تفعلُ الهوامشُ في قلبٍ حزينٍ مُرهقٍ أو لا يكترث؟! أي بذرةٍ تلك التي يحاولُ أن يغرسها في وعيِ من يقرأها؟! لا، بل هي عبثٌ مُستترٌ؛ خيالاتٌ ساذجة لشخصٍ آخر يراقبُ الشروق عند تلة وهو يحتسي قهوته التركيّة السادة فيضربه طعمها المرُ ضربًا يوقظهُ في كل رشفةٍ، فيتملّل ويحاول أن يسكبها فيتذكرُ أنّه يحتاجها، ليحل شعاع الشروقِ الأول مارًا بكل شيءٍ حوله إلا هُو، تمرُ شمس اليوم الجديدِ على كل شيءٍ تقريبًا إلا هو، يراقبها فحسب عالقًا في مستنقعاتِ وهمه وآماله.


By: Alexander_Spline.

******
*نص أدبي.

أراكم المرة القادمة...