الجمعة، 3 أبريل 2020

ألحانٌ على وتر الكورونا.

سألني صديقٌ «متى ينتهي بنا الحال؟ متى نلحقُ بأقدارنا؟»، فلذتُ بالصمت لبرهةٍ وقلت: «لا أعلم!»، لا أدري ما الذي دفعني لأقول هذه الجملة وأنا أعلمُ الإجابةَ الحقيقيّة.

الحقيقةُ الواقعة أصدقائي أنّ لا أحدَ يتصور ولو لوهلةٍ أن القدر سيختارهُ هو! نتسم بالكبِر والتعالي حين يتعلق الأمرُ بنا، لأنّنا نتصور أنّنا متميزونَ، أن الله يُحبنا نحنُ دون خلقهِ، أن الموت سيختار الآخرين ولن يطرقَ بابنا، سيختار بابَ الجيرانِ لأننا نحنُ! نحنُ هؤلاء الذين نَهُمُ، نحن هؤلاء التي أحلامنا ستتحققُّ، نحنُ الوحيدون في هذا الكوكب من نستحقُ الحياة، نحنُ ومن نُحب فقط لا غير.

عقلنا الصغير لا يتحملُ فكرة أنّه واحد فحسب من بين سبعةِ مليارات ونصفِ، أنّه لا يساوي شيئًا من بين هؤلاءِ، أنه أيضًا هناك سبعةُ ملياراتٍ ونصف لديهم حيواتٍ وأحلامٌ وطموحاتٌ يظنون أيضًا نفس الظنِ أن القدرَ بجانبهم وأن العالم يدورُ حولهم وفقط، أن الأحداثَ والأقدار حين تحدثُ... تحدثُ من أجلهم، أنّ العالم يجبُ أن يتوقفَ بموتهم أو بالظلمِ الذي يتعرضونُ له، لكن الحقيقةَ المريرة أن العالم سيجري ويدور وستتوالى الأحداثُ وسيجدُ طريقةً لأن يستمر كما أستمر لملاين السنين.

الحياةُ يا صاحبي ليست من أجلكِ، الحياةُ فيلمٌ كبيرٌ يتسّمُ بالواقعيّةِ التي تهربُ منها لتشاهد بدلًا عنّها الخيال العلميّ وأفلام الكارتون... الحياةُ يا صديقي لا يوجدُ فيها البطل الخارق الذي لا يموت... الحياةُ يا عزيزي هي تُحفةٌ فنيّةٌ بحتة تصيبك فيها السعادة والحزنُ والمرض والعافيّة، حتى تفهم معناها، تلك هي حياتي وحياتُك... نحظى بفرصةٍ لنحيى ثم يحين وقتنا فلا تنتهي ولكن لتبدأ حياةُ أخرى... فرصةٌ أخرى لن نعرفها أبدًا. 

.Camouflage by Alice Wellinger

*****

أراكم المرة القادمة...