الثلاثاء، 26 نوفمبر 2013

شيء ما يدفعني للجنون

’’لا مش قانون التظاهر يا فالح!‘‘ 

يحكى أنه كان هناك رجلاً أدعى الشجاعة ولم يملك مهارات القيادة، ولكي يثبت أنه قادرٌ علي السيطرة دون الحاجة إلى التريث والتثبت، قام بمهاجمة الكل، وصنع لنفسه أعداءً من جميع فئات المجتمع، إلا أنّه كانت لديه فرصة أخيرة ليصلح الأمر، إلا أنه اختار ألا يُقدم تنازلات، وقال: ’’ثمن الشرعية حياتي...‘‘.

’’فأصبح في عداد المخلوعين

ثم أتى من بعده رجلاً وأتيح له الفرصة ليكتب اسمه من ذهب في صفحات التاريخ، إلا أنه زُيَّن له سوء عمله سفك دم هذا وذاك وتمادى وظن أنّه القائد المغوار الذي ألتفت حولَّه الجماهير لكي ينصبوه مُلك مصر، لكَّن فارسنا المغوار ليثبت أنّه قادر علي السيطرة دون الحاجة إلى التثبت، قام بمهاجمة الكل، وصنع لنفسه أعداءً من تلك الفئة التي أيدته على استحياء...

وسيصبح في عداد المخلوعين‘‘
’’الجنون هو فعل الشيء مرات عديدة علي نفس الشاكلة، وانتظار نتائج مختلفة‘‘
- ألبيرت أينشتاين
إن من الأشياء الجذابة المينستريم الـMainstream هي قانون التظاهر الذي أعدته حكومة قنديل وطبَّقته حكومة الببلاوي، الحياة تعود للشوارع الآن والأوضاع تتحسن لماذا تكرر أخطاء الآخرين وتستفز الناس، ’’القانون متطبَّق في العالم كلّه!‘‘، لماذا يجب دائما علي الأغبياء المقارنة بين أشياء لا يمكن المقارنة بينها، كمقارنة اقتصاد الصين باقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً! إنك تريد مساواة نفسك بدولة يحصل فيها الكلاب علي حقوق أكبر منّك في بلدك وتريد ان تساوي نفسك بها في قانون التظاهر، تماماً كمثيري الاشمئزاز المهاجرين خارج مصر الذي يحصلون علي الحقوق كاملة وينعمون برغد العيش في دولهم، ويقولون عبارات علي مواقع التواصل الاجتماعي ’’أنتوا متستحقوش مرسي!‘‘، ’’مرسي هذا صلاح الدين خسأتم يا شعب ندل، أتتظاهرون ضد الإسلام؟!‘‘، ’’السيسي ده بطل معرفش ليه الاخوان الارهابين دول بيعملوا مظاهرات ليه‘‘، عامةً ستسمعون في الأيام المقبلة سحب قانون التظاهر، لأن الغباء لا دين له، والإستعباط هو سيد الموقف، والبركة والنية هي عنوان الطريق، وسيلحق السيسي بمرسي وستظل معاناتنا حتى يقضيّ الله أمراً كان مفعولاً.

هناك مينستريماً آخر يتناول خبراُ مُفبركاً فحواه: ’’أن حكومة أنجولا قد منعت الدين الإسلامي ومنعت ممارسة شعائره وستقوم في وقتٍ لاحق بهدم جميع المساجد‘‘، الكوميديا هنا تتلخص في أننا عنصريين ضد كل ما هو مسيحي ويهودي في بلادنا وهناك فئات منّا تتفنن في تشويه الإسلام علي شاشات التليفزيون، نحن يمكننا أن نعترض علي المادة حقوق المسيحين واليهود في بلادنا ونتفنّن في حرمانهم من حقوقهم، لكننّا حينما يفعل الغرب مثلنا ويضيّق علي المسلمين في بلادهم نثور ونغضب ونتناسى أن من أعمالنا ما سُلط علينا، ورغماً عن كل ذلك إلا أننا نحصل علي حقوقنا بشكلٍ أفضل في الدول الأخرى!

هناك أيضاً مينستريماً يتحدث عن وهم قطع العلاقات الدولية عن مصر وموضوع تركيا، الموضوع الذي بدى مخيفاً للبعض، هذا الموضوع الذي أوقفه رئاسة مصر للمكتب التنفيذي لليونيسكو بـ136 صوتاً الأمر الذي كان مُرعباً للبعض الآخر الذي ينشد أصحابه أن العالم لا يعترف بمصر بعد ’’الانقلاب‘‘، وها قد عجز لسانه عن الكلام، ليتعلم عدم الكذب! أما تركيا ذات الأردوغان ملك الكلام، الرجل ذا الكلام المعسول الذي لا ينفذ منه شيئاً أبداً! ذلك الكائن الذي في منتدى دافوس الاقتصادي العالميّ للصلح مع إسرائيل حضر فعلاً وانسحب لاحقاً لعدم إعطائه المساحة الكافيّة للرد!، فارس الخلافة المهد المنتظر هذا العصر، الذي يتحدث عن فلسطين وسوريا بعدد شعر رأسه دون أن يحرك ساكناً للقضية، فارس الإسلام الذي يدير الدولة العلمانية الداعرة التي ترَّخص دور الدعارة. ها قد غار سفير دولة تركيا العلمانية الداعرة! وعقبال سوريا!

’’سأرمي القلم... يا إلهي انكسر، سأرمي آخراً.... تباً لقد أنكسر هو الآخر!‘‘

walid-taher-1711
الوضع الحالي، كاركاتير: وليد طاهر



أراكم المرة القادمة...

الثلاثاء، 19 نوفمبر 2013

نسكافيه لاتيه

كل صباح أبدأ يومي بكوب نسكافيه، لا يكتمل يومي أبداً بدونه، إنني أؤمن بأن كُل شخص لديّه طريقته في الإدمان، البعض يدمن المُخدرات بأنواعها العديدة وآخرون يدمنون الخمر وجزء محافظ يبقى على الحياد ويُدمن الأشياء الأخف ضرراً في نظره مثل الشاي والقهوة والنسكافيه وأحياناً الكابتشينو! لكننّي اخترت النسكافيه باللبن أو نسكافيه اللاتيه كما بالعنوان! أحيانًا أعتقد بأن هذا الكوكب لا يستحق إلا أن تستمتع بمعاناته وأنت ترتشفُ أي مشروب ساخن! إحساسٌ بالعظمة ألا تعبئ بأي شيء مما يدور في عالمك، أو كما يقول الأمريكيون ’’I don’t give a damn‘‘ من أشياءٍ إن تبد لأكثر سكانه تسوؤه.

يوميّاً في أتوبيس الجامعة أو ’’الباص‘‘ وحتى لحظة دخولي كافتيريا الجامعة ألوذ بالصمت سماعاتي في أذني صامتٌ لمدة ساعة تقريباً، صائم عن الكلام اللهم إلا في مناسبات نادرة مثل تفتيش الكارنيه أو سؤال أحد أصدقاء الباص عن آخر الأخبار. أعترف أنني أميل للعزلة وعندما أتحدث لا أعلم لماذا أبهر المستمعين؟ ربما لأنني أبقَ نصف الحديث صامتاً فحين أتحدث... أتحدث عن العناصر الأساسية للحوار فأبدوا لبقاً مثقفاً حكيماً، أو لأن كلامي المبني على بِضع كتب قرأتها يبدوا مثقفاً في حد ذاته مرتباً مُبهراً.
’’كلّما كان العقل قويّاً، كلّما كان أكثر ميلاً إلى العزلة‘‘
- آلدوس هاكسلي
أكره الأحاديث السياسيّة ولا أتحدث مع المُتعصبين أبداً إلا عندما يطلب مني الاستشهاد أو الرد علي أحدهم، لأنني ببساطة لا أحب ’’فرد العضلات‘‘ واقتباس هذا وذاك والتحدث بمصطلحات مُبهمة غريبة ليُقال أنني مثقفٌ أو ما شابه فأنا لست من المثقفين فلم تبلغ قراءاتي هذا الحد بعد، وإنما لدي ما يسمونه بكاريزما المُثقف أتحدث مثلهم وأقرأ ما يقرأون وتتشابه آراءهم مع آرائي بشكل كبير، ولكن هل أنا مُثقف...
أنا أجربُ أن أكون مثقَّفاً، ماذا تفيد ثقافتي؟
ودمي على ورق الكتابة سائلٌ؟
لو عروة فوق القميص تفلّتت... لتفجرّت
تحت القميصِ... زلازل!
- نزار قباني
يقول البعض بأن العزلة تدفع للاكتئاب وإن كل محبي العزلة أصناف إما حداداً على أحد قد فارق الحياة أو فراق الأحبة، لكن العزلة فن مُنشّط للعقل فالانعزاليون ليسوا مرضى يفتقدون المهارات الاجتماعية ولكن يفضلون الانطواء رغبة في التأمل والتفَّكر أوبعدًا عن االعامة، ربما يعتقد الكثير بأنهم يخافون من مواجهة العالم ولربما ذلك يكون صحيحًا لدرجة ما فذلك ناتج عن فهمهم واستيعابهم الشديد وقواه وهم بلا شك لا يرغبون في إدخال أنفسهم في معارك خاسرة.

المنعزل ليس انطوائي وإنما يُفضَّل العزلة، فهو يفضل العزلة عن الذهاب إلي السينما، التسكع مع الأصدقاء إلخ، فحالة (إشباع الرغبة) أو الـ’’satisfaction‘‘ التي تحققها أنت بالخروج إلي السينما يحققها هو بكوبٍ من الشاي وكتاب يقرأه في بلكونة منزله. العزلة فن يقوي الشخصية ويعطي المُنعزل بطريقة ما أبعاداً أخرى لشخصيته وفهم أفضل للكون وإحساساً أكبر بمشاكل المجتمع، مُخطئ من يتصور أن الانعزاليون يبغضون البشر والمجتمع، هذا خاطئ تماماً هم ينظرون إليه نظرة الشفقة ويتمنون أن يجدوا من يشاركهم أفكارهم.

الربط بين العزلة والاكتئاب ظالم، فليس كل منعزل مكتئب تماماً كما صوّرها إدوارد هوبر في لوحاته المميزة التي ساهمت بشكل كبير في جعل العزلة في لوحاته موضوعاً مقبولاً عند الناس، علي الرغم من تفسيرات النُقَّاد للوحاته على أنَّها ’’صمت مخيف، يأس، غموض، حزينة، عزلة، وحدة‘‘ إلى أنّه رد علي ذلك قال بأنه ’’العزلة إحساسٌ بالذات بطريقة مختلفة عن اعتبارات الآخرين، شعور بالذات وفقط!‘‘


Automat - 1927


أراكم المرة القادمة...

الثلاثاء، 5 نوفمبر 2013

أتدري؟


أتدري؟ حين أفتح عينيّ...
أفتحها علي ألم ووطن كئيب؟

أتدري؟ حين أهتف...
في كل يوم ألف مرة ’’هل من مُجيب‘‘؟

أتدري حين يُنشد ساستك...
عن فرجٍ وأمنٍ وفجر جديد.

وترى في رجال الأمن
عيناً قد فجرَّها الحقد الدفين.

فيا مُقدستي!، أأرحلُ؟!
أم أقاتل أم أكتفي بحلمي العزيز؟!

أأذكرُ لأولادي ثورةً؟
أم أسردُ لهم الواقع المرير؟؛

’’دماءٌ قد تحولَّت شراباً؛
يتلذذُ به صاحب فخامتنا المجيد‘‘

فيا أخوتي أتدرون من تاجر؟
ومن حطّم أحلام الوليد!

اغتصبتموها في المهد سراً،
من أجلِ كرسيٍّ لعين؛

فها قد ماتت ثورتكم فأرثوها!
وتظاهروا أمام حشودكم بحزنٍ شديد.

وألعنوا عقول قومٍ...
أبكت مُبارك يوم خطابه اللئيم!

وأذكروها في كل خطابٍ...
وتمسحوا بها في كل وقت وحين! 

وسلاماً علي شهدائنا الصالحين،
وحمداً لله ربِ العالمين.

2052cbee83d7af8af210226e16096f16


أراكم المرة القادمة...