الأحد، 13 يوليو 2014

المنشور الأخير – 2#

الجزء الأول: هنا

ها أنا أتقدم خطوة للأمام لأخطو على الهواء! هيَّا أيتها الجاذبية الرحيمة فلتلعبي لعبتكِ التي تجيدينها... أنظر نظرةً أخيرة إلى الحشد وأرفع لهم أصبعي الأوسط وها أنا أسقط سقوطاً حراً وكليّ فضول أنتظر شريط حياتي ليمر أمامي في شغفٍ، ويبدوا أنّه يعاندني أو أنّه أسطورةً من الأساطير التي تعلمتها في الـ30 عاماً في هذا البلد اللعين، هل سأنتظر كثيراً! ها هو يظهر أخيراً من العدم، أوووه كم هذا لطيف!، هذا أنا في الثانية ألعب، وهذا أنا في المدرسة، وهذه أول قبل وهذا أنا في الجيش وهذه هي زوجتي السابقة، هذا الفيلم يبدوا جميلاً لكن ينقصه بعض الموسيقى بحقِ السماء! يا إلهي أكاد أجزم أنني أشاهد هذا الشريط منذ 9 دقائق! كيف لهذا السقوط أن يكون بهذا الطول، هذا تحديٍ صارخ لقانون الجاذبية 4 أمتارٍ لن تستغرق أقل من ثانيتين. أيعقل أنني ما زلتُ أسقط! أم أنني سقطتُ وانتهى الأمر! لا محاولاتٍ ثانية وثالثة! كم ظالمةٌ هي الحياة!

أأنا ميتٌ الآن؟ أم أنني على قيد الحياة؟ أو ربما أنا في غيبوبةٍ! أو ربما أنا أحلم؟ لا أدري حقاً! لو كنت متُ فأين المَلكان؟ أين الدراما؟ أين الحياة الأخرى؟ أمتُ كافراً حقاً وسأذهب إلى الجحيم أم سيتولاني الله برحمةٍ! أم هذا قدري؟ ولو كان قدري أذنبي أنني سقطتُ ونفذتُ قدري، وإن كان كلامُ ملاعين الحارة عند الشرفة أوقفني عن الانتحار؟ أكنتُ بذلك أتحدى القدر؟ أتحدى مشيئة الخالق؟! لديّ يقينٌ أن قدري ليس هذا... لا يجب أن يموت الأخيار! حتى الجمهور لا يحبُ النهايات الأليمة! كل القصص والروايات وحتى الأفلام في جميع السينمات تنتهي بنهاياتٍ سعيدة، يقولون أنه عاملٌ أخلاقيّ! لا يجب أن ينتصر الشر على الخير! وأنني علي يقينٍ تامٍ بأنني من الأخيار...

أنا الذي لم أؤذ في حياتي ذبابةً، أنا الذي تفانيت في خدمة هذه الحارة اللعينة! ساعدت الشيخ واللواء التاجر والحداد والطبيب، وما جنيتُ من هذا الخير سوى صفعاتٍ متتالية متتابعة! الشيخ يدعو عليّ في الصلاة كل مساء لأنني أوقفت هراءه عن مساعدة المساكين، المساكين الذين يعطيهم نصف أموال المسجد ويأخذ هو النصف الآخر! واللواء كي يلقنني درساً على منشوراتي على الفيس بوك؛ 6 أشهر في السجن بحجة تشابه اسمي أنا من بين 90 مليون اسم مع شخص آخر بتهمة التحريض على الجيش! كنتُ أؤمن بالفضيلة! عدالتنا! العدالة الإلهية! كم كنتُ ساذجاً! الطبيب الذي أنقذت ابنته يصف لأمي الدواء الخاطئ لتموت بجرعة مفرطة من الفاليوم! التاجر الذي سرق نصف مدخرات أبي الذي استثمرها في متجره اللعين ليموت بنوبة قلبية.

إنني أمقت الأخلاقيين! هؤلاء الذي ينشدون صباحاً ومساءاً الفضيلة والخير وهذا الهراء الذي يخدعون به الجهلة والعوام، ولكني لست منهم! ولن أجعل حياتي تذهبَ سداً! سأحول حياتهم إلى جحيم! حياتي تبدأ من لحظة سقوطي هذه كلها ثوانٍ وسيقابل كلاً منهم قدره المحتوم!

’’!Let the game begin‘‘

فكرت في أصعب حالات الموتِ التي رأيتها في الأفلام وقرأت عنها في الكتب، سكين مسدس، قنبلة موقوتة، سم! كلها أشياء قديمة، وكلها كانت أمامي وفكّرت فيها تفكيراً جيداً، حتى أنها فكرت في تفخيخِ سيارة اللواء، لكنني عدلتُ عن هذه الفكرة في أخر لحظة! يا إلهي يا رحيم! لماذا هذا السقوط طويلاً إلى هذه الدرجة! قريباً سأرتطم! ويتجمهر حولي اللواء والشيخ وكل أبناء حارتنا اللعينة، سيتجمهرون في محاولة إنقاذي وفي الحقيقة هم من سيكونون في أمس الحاجةِ إلى الإنقاذ! المفاجأة ستكون صعبة! ولكنها في محلها بين أتألم على الأسفلت سيبدأ ألمهم الحقيقيّ.
’’دُلني على الأمل في صمتٍ
برويةٍ هذا أكثر لطفاً
أخبرني عن الحسرة
التي أصابت قلبي، أصابت قلبي
سوف لنلتقي مرة أخرى مجدداً على هذا الطريق
هذا بعيد المنال، الحق يُقال!
ولكن أنا لست العدو
لست أنا العدو‘‘
يبدو أنني لن أحتاج إلى منشورٍ أخيرٍ حقاً! فآخر منشورٍ لي سيفي بالغرضِ تماماً! ها قد حانت اللحظة الأخيرة اللحظة التي انتظرتها! ارتطمت بالرصيف! يا إلهي كم هذا مؤلم! أظن إنني كسرت قدمي اليمني وأتلوى ألماً ويتجمهر الناس حولي!

ارتطمت بالرصيف! يا إلهي كم هذا مؤلم! أظن إنني كسرت قدمي اليمني
- إنتتا كويس! هاتوا مية! بسرعة يا عالم!

ابتسم، وها هي نظرات الذهول تسود أعين أولاد الحارة! ينادوا على الطبيب النذل! ويقترب اللواء، والطبيب ليتحسس نبضي، ينزع قميصي تتسع حدقتاه عيناه في زعر! ليرى أخر لقطة بحياته بحياة أهل الحالة المتجمهرين حولي أنا الضحية المسكين، أنظر في عين اللواء الذي يرتعد جسده خوفاً! وأبتسم بينما ينفجر الحزام الناسف! ناسفاً قلبي... وقلب كل اولاد الحارة... إلى الأبد...
 

تمت.


أراكم المرة القادمة...

السبت، 5 يوليو 2014

بول شيت–6#: المشروع

مشروعي*
عدى قُدَّامي…
ومَلْحِقْتُوشْ.

مشروعي…
كان طاير وِمِسْتَكْفِي…
والناس مسكا فيه…
ومَبِتْسِبْهُوشْ.

مشروعي مَبَحِبُوشْ...

مشروعي دا حلم…
اللي على رِجله،
واللي ما حِلِتْهُوشْ!

مشروعي ميكروباص...
وتذاكر صفرا...
ويا أسطى إحنا في رمضان...
مَتْسِبِّلْهُوشْ.

مشروعي فترة وهتعدي...
وهجيب بأول فلوس بديل...
بس مكفَّاشْ؛
فَمَشْتَرِتْهُوشْ!

مشروعي مبحبوش...

مشروعي جيه وأهي فرجت...
وركبت في وسطة الزحمة…
تليفوني ضاع…
ومَلْقِتْهُوشْ.

’’على جنب يا أسطى!‘‘
أصل رُكَّابَكْ كَفرة وفي وسط الزحمة…
هتكوا العرض وسرقوا الكمسري…
ومَخَّلُولُهُوشْ.

في وسط الزحمة...
تايه ومش عارف...
والناس حواليا...
مَبِيْسَاعْدُوشْ.

كل يوم...
نفس الوقفة بنفس الوش...
أصفر
مَبَغَّيَرْهُوش.

مادد إيدي...
في وسط ميدان...
بنادي على الملايكة...
مش سَامِعِينِّي!
مَبِيُرُودُّوشْ.

وأدي حكاية مشروعي...
إللي عدى قُدًّامي…
ومَلْحِقْتُوشْ.

مشروعي…
كان طاير ومِسْتَكْفِي…
والناس مسكا فيه…
ومَبِتْسِبْهُوشْ...

.©By: A.Youka Drawings 2014

مُتعلّق: بول شيت - 5#.
*): ’’المشروع‘‘ هو اسم الميكروباص في لغة الإسكندرانيّة.   

أراكم المرة القادمة...