المشاركات

عرض المشاركات من مايو, ٢٠٢١

بعضُ الأشياء عنّي.

صورة
يراودني الموتُ منذ كنتُ صغيرًا، كان لديّ يقينٌ دومًا بأننّي لن أعيش طويلًا، ومازال! لا أدري من أين أتت تلك النظرة السوداويّة لحياتي، لكنّه شعورٌ حقيقيُّ! شعورٌ بأنّك ستسقط لسبب ما في أي لحظة. أخطأتُ الموت مراتٍ عديدة، مرة عند السفر عندما تأخرتُ عن السيارةِ التي حجز لي صديقي فيها مقعدًا فترك السيارة وأنتظرني! مررنا بها محطمّةٌ على جانب الطريقُ! توفيَّ ستُ أشخاصٍ، حتى هذه اللحظةُ موقنٌ بأنني كان من المفترض أن أكون منهم! لم ألمسِ الموتَ كثيرًا في حياتي! ولكنّي قد تصالحتُ معه! تصالحت مع الموت حقًا فلم يعد يرهبني! أعاملهُ كرفيقٍ وظلٍ يتبعني أينما ذهبتُ، سينجحُ الموت يومًا أن يقتلني بالتأكيد، لكنّي في الحقيقةِ لن أحزن حين يقترب، للأمانة لم أتمناهُ يومًا، ولا أقبلُ أن أركن إليّه في الخيبات ركونِ الجبناء، فقط تصالحُ العاقلُ مع يقينه الأبديّ! لذلكَ أتحدثُ دومًا بما في عقليّ! أسامحُ ولا أكن كراهيّة لأحد، أكرهُ المنطقُ الظالم والمعطوب، لأنّه دومًا ميزانٌ مُطفّف! لا أمن بالخير والشر، فالخيرُ والشر دائمًا نسبيُّ يُشكِّله الناس حسب المصلحة وحسب الحاجة! ولا وجود للخير والشر الأكبر سوى في القصص والحك

الأحزان والمواصلة.

صورة
سألني صديقٌ: «كيفَ يمكننا المواصلةُ بعدَ كُل هذا الألم، وبعد كل تلك المشاهد، وكل تلك الدماء؟»، صمتُ لدقائقَ طوليةٍ وعيناي لا تفارق سماء الليلِ الحالكِ، كنتُ ألوذُ بالصمتِ فرارًا، يُحدثني كأنّني أعلمُ كل شيءٍ وأننّي سأقولُ كلامًا حكيمًا يداوي جُرحَ المشاهدِ التي تعجُ هاتفه! نظرتُ له ولعيناهُ المنكسرةِ بفعل العجز وبفعل القسوة أنا ألبسُ زيَّ التماسكِ الغريزيِّ، ذلك التماسك الذي يخبرنا به عقلنا الباطن أنّ لا شيء بيدنا كي لا ننهار! قلتُ له: دع الحياةَ تحدثُ! لأنّها ستحدُث رغم أنفِ الجميع! حدثت وستحدثُ حتى آخر الزمان! لمرةٍ واحدة سنتظاهرُ أننّا لسنا محور الكونِ وأن مشاعرنا الأنانيّةُ في الاستمرار والمستقبل ومشاغل حياتنا الطبيعيّة هي الدافعُ الوحيدُ للاستمرارِ. لأن الحياة ستستمر رغمًا عنّا! ورغمًا عن الجميع! وأن كل تلك الدماءِ وكل تلك التضحيّة هي تضحياتٌ من أجلِ بسمةِ الأطفالِ في المستقبل، والشغفُ في مواصلة الحياةِ والبناء!، لم تسيل الدماءُ أبدًا حتى ننكسر، بل لنواصل ونبني ونُشيّد ونبتسم، ونتذكرُ في لحظاتنا التضحيّات التي بها سيعلو صوتنا، لنتابع يومًا بيومٍ بشغفِ المرة الأولى، وصدورٍ منفتحةٍ

ذكرياتِ القضية.

صورة
أتذكّر الانتفاضة الثانية جيّدًا أتذكر شكل الشوارع في بلدتي الصغيرة، أتذكرُ تلك الجموع الغفيرة من مسجد الوكالات حتى أقصى غرب البلدة، أتذكّرُ الهتافاتِ جيّدًا وأتذكرُ وقفتي في شرفة بيتي ومشاعري الغَبِطةُ، كانت مشاعرَ غير مفهومة فقد كنتُ ابن الـ7 أعوام! لكن مشهدَ استشهادِ الدُرة كان يتملكني، وألحان أوبريت الحلم العربي كان ينتطلق على لساني مع الهتافاتِ بشكلٍ تلقائيٌّ، كان إيمانًا حقيقيًّا، اليوم التالي تجمعّنا في فناء المدرسة وقد قررنا أن نشارك في الانتفاضة وأن نفعل شيئًا، أتذكرُ جيدًا ذلك القماش الأبيض الذي لونّاه برسم خطين متوازييّن ونجمة داوود وصياحنا مع الشباب الذين اندلعت مظاهراتهم من الثانويّة التجاريّة وغيرها، وأتذكرُ هتافاتٍ متباينة كـ«يا يهود، يا يهود، المسجد الأقصى سوف يعود!»... كان مشاعرنا متأججةٌ بما رأيناه، دعوناهُ إيمانًا لكن كنّا صغارًا لنتفهم، لكن مشاعرنا كانت حقيقيّة مشاعرُ الحقدِ والكره تجاه قتلة أطفالنا، تجاه صهاينةٍ قتلوا من قبل إخواننا في مدرسة «بحر البقر»، أذكر أيضًا سماءًا وصافرات إنذار عرباتِ الشرطة التي انطلقت فجأة، وتبدل السماءِ فجأة للونٍ رماديِّ، ركضنا نحو شوارع

نُصوص على هامش الأقصى والهويّة!

صورة
 حينَ يتكررُ المشهد، تنطلقُ الحروفُ بغتةٌ، وتندلع المشاعر منفجرةٌ، كإنقطاعِ الوريد وإنفجارُ شلالِ الدماء! نحنُ نكتبُ لأنّنا نعلم  أنّ البكاء لا يُفيد، نحن نكتب لإيمانٍ منّا دفينٌ، أن كلماتنا تهم وأن الوقوف مع الحق مهم! لكن أيُ حقٍّ ذلك؟  نحنُ زائفونُ منافقون حين يتعلّقُ الأمرُ بفلسطين، نحن الذين ننسلخُ عن هويتنا العربيّةِ وهويتنا الدينيّة التي هي أساسُ القضية وصُلبها! نحن الزائفون المنسلخون بوهم الحداثة والغرب، تلك الأوهامِ التي يلقيها علينا الغربُ لنحيد عن أوطاننا وقيمتنا وهويتنا! قضيةُ الصهاينة في ما يتعلق بالأقصى والحائط هي قضيةً دينيّة في أصلها، أوفياءٌ هم بهويتهم، وتعاليمهم وكل ما يتعلق بمخطط دولتهم، ذلك ما يجعلهم ما هم الآن، الإيمانُ ووجود هويّة ومبدأ، وذلك ما يبني الدولِ والمجتمعات! أما نحنُ فنتعاطف يا صديقي لإنسانية القضية، سحقًا إنسانية ماذا؟ هل صرنا أمريكيون ولا يربطنا بديننا وعروبتنا سوى تلك المشاعر الإنسانيّة وذلك البكاء، القدسُ وفلسطينُ قضيّة هوية إسلامية وقضية هويةٍ عربية، ما يدفع الأبطالَ والبطلات للدفاع هو الإيمان بالحقِ والحقُ في فلسطينَ هو الحق، والعدل والخير! لذا لا