الخميس، 13 مايو 2021

ذكرياتِ القضية.

أتذكّر الانتفاضة الثانية جيّدًا أتذكر شكل الشوارع في بلدتي الصغيرة، أتذكرُ تلك الجموع الغفيرة من مسجد الوكالات حتى أقصى غرب البلدة، أتذكّرُ الهتافاتِ جيّدًا وأتذكرُ وقفتي في شرفة بيتي ومشاعري الغَبِطةُ، كانت مشاعرَ غير مفهومة فقد كنتُ ابن الـ7 أعوام! لكن مشهدَ استشهادِ الدُرة كان يتملكني، وألحان أوبريت الحلم العربي كان ينتطلق على لساني مع الهتافاتِ بشكلٍ تلقائيٌّ، كان إيمانًا حقيقيًّا، اليوم التالي تجمعّنا في فناء المدرسة وقد قررنا أن نشارك في الانتفاضة وأن نفعل شيئًا، أتذكرُ جيدًا ذلك القماش الأبيض الذي لونّاه برسم خطين متوازييّن ونجمة داوود وصياحنا مع الشباب الذين اندلعت مظاهراتهم من الثانويّة التجاريّة وغيرها، وأتذكرُ هتافاتٍ متباينة كـ«يا يهود، يا يهود، المسجد الأقصى سوف يعود!»...

كان مشاعرنا متأججةٌ بما رأيناه، دعوناهُ إيمانًا لكن كنّا صغارًا لنتفهم، لكن مشاعرنا كانت حقيقيّة مشاعرُ الحقدِ والكره تجاه قتلة أطفالنا، تجاه صهاينةٍ قتلوا من قبل إخواننا في مدرسة «بحر البقر»، أذكر أيضًا سماءًا وصافرات إنذار عرباتِ الشرطة التي انطلقت فجأة، وتبدل السماءِ فجأة للونٍ رماديِّ، ركضنا نحو شوارعٍ جانبيّة ونظرنا لبعضنا البعض، بينما كانت رائحةُ الغاز المسيل للدموع تتسللُ إلينا! كنَّا غاضبين بشدة ليس من الغازِ أو تفرقنا أو من سيارات الأمن المركزي، كنّا غاضبين أننا لم نحرق العلم، حاولنا بشدة حرقه في الزقاق الجانبيّ لكنه كان ينطفئ كل مرةٍ نشعله، كنّا صغارًا ولم نكن نفهم أننا بحاجة لبنزين كي يشتعل! كنّا غاضبين بشدة فبعد لحظاتٍ سنصل للبيتِ وسيتمِ تعنيفنا على تأخرنا وعلى رائحة الغاز، ولم ننجح حتى في حرق العلم!

The Dorra - Unknown Artist


******


أراكم المرة القادمة...

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

لؤلؤة
كنت لسه هنزل الاغنيه بتاعت احمد كامل وانتي نزلتيهااا

إرسال تعليق