المشاركات

عرض المشاركات من 2024

الزنّانة

صورة
مضت فترةٌ طويلةٌ وأنا بعيدٌ عن الكتابة، اليومَ خطر ببالي أننّي أقلعت أخيرًا عن هذا الإدمانُ اللعين؛ أن أكتب فتنكشف أفكاري للناس وأفعل ذلك بكامل إرادتي، إدمانٌ لعينٌ حاولت أن أقلع عنه ولكن كل مرةٍ أفشل في هذا، وكأن هناك سببٌ ما، مرضٌ أو فيروسٌ لعين، ربما تلك الحقيقة أنّي مريضٌ وأحتاجُ لعلاجٍ ما! لكن لا بأس، دعني آخذك في رحلة... سماءٌ صافيةٌ هادئةٌ وسكونٌ تامٌ وكأن الكون في اللحظاتِ التي تسبق إسرافيل ونفخه في الصور – بوق يوم القيامة – يقطع كل هذا طنينٌ مزعجٌ في بلدةٍ كتُب عليها الجهادُ، مِن فُهوة نفقٍ يصعدُ ملثمٌ يحمل (أر – بي – جي) منتظرًا هدفًا أو موتًا مُحقّقًا، هذا الطنينُ يعرفهُ المجاهدُ ولا يَجهله ولكنّه اعتاد سماعه وحسب، فلم يُلق له بالًا... ولكن الطنينَ كان يتبعه ويراقبه عن كثب... حام وحام الطنين الذي يُولدٌ على صوته أهل هذا الوطن ويطلقون عليه «الزنّانة» وهي الطائرة بدون طيّار لمن لا يعلم... كانت الزنّانة تتبعه وتراقبه من الفوهةِ حتى بدأ مُحرّكها بفتح النار... لم تنجح  «الزنّانة»  في قتله لكن حسرةٍ ما تطارد هذه الروحُ حتمًا لأنّها تعودت على الصيدِ وتكبيد الخسائر للعدو، سيعود حتمً

غطرستنا...

صورة
 تساءلتُ هذهِ الليلةِ عن سبيلٍ لحالاتِ الأسى التي لا تنتهي، عن الحالِ الذي وصلنا إليهِ، عن دماءٍ لا تتوقف عن النزيفِ وكل ما نملكهُ هو أملٌ ودعاءٌ نشدوا ونتشدّق بهِ كل ليلةٍ، مُضطرين سائلين المولى عز وجل أن يُنصفنا ويثأر لنا... داعينَ: «أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ». فهل من سبيلٍ حقًا سوى الدعاء؟ يَخشى المرءُ أن يكون هناكَ سبيلٌ آخر لذلك حتى لا نُأثم، هناك سُبلٌ حتمًا ولكننّا نأباها ونرفض تصديقها، كهذا النصُ الذي تقرأهُ الآن على منصةٍ تدعمُ الاحتلال وتقول ذلكَ صراحةً وبعلنيةٍ في تحدٍ لنا واختبارٍ وما أشدّهُ من اختبار؛ اختبارٌ لضعفنا وخوائِنا وفراغِنا وهشاشةِ مواقفنا التي تفضحنا كل مرةٍ في سبيل لقمة العيشِ ونمطِ حيواتِنا الذي نأبى تغييره، نفاقٌ شديدٌ يتبيّن ه الفطينُ الذي يعلم بواطنَ الأمورِ؛ يعلمُ بأننا نخسر كل حربٍ لأننا لا نحارب أبدًا، ندخل الحرب بأسلوبنا وعاداتنا الشرقيةِ بالعنترياتِ والخطابةِ، التي والله ما قتلت نملةً أو ذبابةً تمامًا كما قال «نزار قباني»: «إذا

«مانيفيستو» بدون حروف

صورة
سيحينُ الوقت، لأن نبدأ من حيث انتهى الآخرون، أو من حيث انتهينا نحنُ، رافعينَ رؤوسًا لا تنحني، وبوجوهٍ آمله تستنشقُ نسيم الحريةٌ وتأبى زفيرهُ أبدًا. من نحنُ وإلى أين سننتهي؟ سؤالٌ أبديٌّ وسرياليٌّ كأعجوبةِ الخلقِ والكونِ... نحنُ الحطامُ الذي لا يُمكن إعادةُ تدويرهُ، نحنُ الضررُ الجانبيُّ في الحربِ والسلمِ، نحنُ نسمةٌ في تعدادٍ تائهٍ بلا سببٍ وبلا أي وجهةٍ وبلا أي تقديرٍ، نسيرُ في تيهٍ وظلامٍ لا يتبعه أي بارقةٍ أملٍ أو نورٍ، مساءٌ لا ينتهي بنهارٍ، نتخبطٌ فلا وجودَ لأيِّ نظام. هل نحن السببُ أم المُسبِّب؟ هل نحنُ الرصاصةُ في الانطلاق أم نحنُ إصبعِ مُطلقها، أم نحنُ الصدأٌ الذي يجعلُ الرصاصةُ تَعلقُ كل مرة لحظة الانطلاق؟ أم أنحنُ الإجابةُ لهذا السؤالِ وكل تلكَ الأسئلة؟ والحقيقةُ يا صديقي ببساطةٍ أننّا من تستغرقنا التعاريفُ والأسئلة بدلًا عن البحث عن الإجابة؟ نحنُ هؤلاء الذين لا يعرفون ماذا يريدون، ولا يفعلون شيئًا لكي يعرفوا... نحنُ يا صديقي «مانيفيستو» بدون حروف، بيانٌ بدون قائدٍ ولا جمهور، إرادةٌ بدون بشرٍ، وأملٌ بلا أي مستقبلٍ. Photomontage by Raoul Hausmann ****** أراكم المرة القادمة...

تسارع العالم الجديد

صورة
سيح ينُ الوقت دائمًا لنراجع قراراتنا، لنجلس ونُفَّكر ونتناقشُ مع أنفسنا أولًا في وسطِ تيهٍ لسنا عالقين بهِ وحدنا نحن بل سادَ العالمَ كُلَّه في وسط تسارع العالمِ الرهيبِ الذي صار للإنسانِ فيه ليس سوى فخٌ ومِصيدة! نعيش الآن في حقبة غيرُ مفهومةٍ وغير معقولةِ يتساوى فيها الممكنُ والمستحيلُ يتساوى فيها الحقُ والباطل، نكذبُ ونُكذِّب المنطق أحيانًا حتى نكون صوابيِّن نحنُ ندرك الحقيقة تمامًا ومع ذلك لا نجهر بها خوفًا من سلطةٍ ومفاهيمَ صنعناها بأيدينا نحن، صنعنا الأغلال لنتقيّد بها ونقيّدُ بها الآخرين حتى صارت المزحة التي كنّا نسخر منها ونحنً صغارًا حقيقةً كيف لكفَّار قريشٍ أن يصنعوا صنم عجوةٍ وحين يجوعون يأكلونها! نحنُ نتطرَّفُ كل يومٍ في أفكارنا... ليس رغبةً منَّا في التطرف في حدِ ذاته ولكن لأن هذا أصبح سمةَ العصرِ والوسم الدارج، هذا العصر سمته "التسامحُ والإنسانية" فنحنُ نتطرف ونغالي في نصرة أي أقليةٍ من أي نوعٍ -جزءٌ صحيح- ولكن في نفسِ الوقتِ لا نهاجمهُ ونعفيه من أي مسؤوليةٍ بل ونذهبُ لنقدِّسه ونجعله غير قادر على الخطأ في الأساس... نتطرف مزايدةً وغلوًا في كل شيءٍ حتى أصبحتَ لا تجر