يراودني الموتُ منذ كنتُ صغيرًا، كان لديّ يقينٌ دومًا بأننّي لن أعيش طويلًا، ومازال! لا أدري من أين أتت تلك النظرة السوداويّة لحياتي، لكنّه شعورٌ حقيقيُّ! شعورٌ بأنّك ستسقط لسبب ما في أي لحظة.
أخطأتُ الموت مراتٍ عديدة، مرة عند السفر عندما تأخرتُ عن السيارةِ التي حجز لي صديقي فيها مقعدًا فترك السيارة وأنتظرني! مررنا بها محطمّةٌ على جانب الطريقُ! توفيَّ ستُ أشخاصٍ، حتى هذه اللحظةُ موقنٌ بأنني كان من المفترض أن أكون منهم!
لم ألمسِ الموتَ كثيرًا في حياتي! ولكنّي قد تصالحتُ معه! تصالحت مع الموت حقًا فلم يعد يرهبني! أعاملهُ كرفيقٍ وظلٍ يتبعني أينما ذهبتُ، سينجحُ الموت يومًا أن يقتلني بالتأكيد، لكنّي في الحقيقةِ لن أحزن حين يقترب، للأمانة لم أتمناهُ يومًا، ولا أقبلُ أن أركن إليّه في الخيبات ركونِ الجبناء، فقط تصالحُ العاقلُ مع يقينه الأبديّ!
لذلكَ أتحدثُ دومًا بما في عقليّ! أسامحُ ولا أكن كراهيّة لأحد، أكرهُ المنطقُ الظالم والمعطوب، لأنّه دومًا ميزانٌ مُطفّف! لا أمن بالخير والشر، فالخيرُ والشر دائمًا نسبيُّ يُشكِّله الناس حسب المصلحة وحسب الحاجة! ولا وجود للخير والشر الأكبر سوى في القصص والحكايات، أتفهمُ دومًا أن الدنيا لا تعبيء بنا ولا تكترثُ لمشاعرنا، فنحنُ مهما تقدمنا تحكمنا المادة والسياسةُ ونعتقدُ أننا أحرارًا!، لا أؤمن حقًا بشعارات المساواة والتنوع وأمقتُ كل ما هو يدعو للتساوي بدون مسؤولياته فأنا لا أقبلُ بالظلم حتى ولو كان نبيلًا في مقصده – أؤمن بفكرة أصيلة وهي المساواة في الفرص فحسب– لأني أؤمن بالعدالة والتمايز على حسب الجهد وليس على حساب العرق او الجنس أو المظلومية أو لعب الضحية، كنتُ مع الثوريّة وأستيقظتُ لأدرك أن العالم واقعيٌّ تحكمه مهما بلغت تعقيداتهُ المصالح والأموال والسلطة وموازين القوى، ظالمٌ ولكنّه اصطفائنا البشريِّ لسلاسل القوى! هذا ما اصطفته لنا الطبيعةُ، أن الشعاراتِ النبيلةُ لا قيمةَ لها إن لم تكن موضوعيٌّة وتناسبُ الجميع وتناسبُ العالم بمختلف اعتقاداته!
تصالحتُ وآمنتُ بأنَّ أحترم اللعبة والحياة وأن أحترم أقداري فيها، حتى وإن كانت طموحاتي وأحلامي تفوقها، تعلمتُ بأن أتريث في نظرتي للأشياء وأن أوزن الأشياءَ دومًا بميزاني وميزان الرأي الآخر! وأن أقدّر سخرية القدر الدائمة في أنّه لن أعيش حتى أحقق أحلامي وطموحاتي مهما كنتُ مجتهدًا ربما يسبقني القدرُ دومًا وربما يكونُ التقديرُ في الموت نفسه!
أحبُ الكتابة جدًا وكانت لديّ آمالٌ كبيرة في نشرها لكن لا بأس فقد تعلمتُ أن احترم اللعبة وأدرك أن لا مجال لدي بدون جمهور! لكنّي على الرغم من كل ذلك متسامحٌ مع كل هذا فأنا أحترم قدري! أحبُ رفيقةَ دربي ونصيبي!، وسعيدٌ حقًا فلا أأملُ في شيء أكثر من حياتي معها ولا أنتظر شيئًا سوى ما أقدمه وما أحبه، وربما هذه رسالتي في الحياةِ، أن أُبقي رأسيَّ عاليًّا، وأن أحبَ من أحبنيّ بكلِ قوةٍ وأن أدع أيامي تمضي سعيدةً على قدر ما أستطيع، وأن ابتسم كما ابتسمُ كل مرةٍ عندما أكتب وأقول في نفسي كما أقول كل مرة: «هذا نصٌ آخر لن يقرأه أحد!».
By: kresna_rama |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق