الخميس، 19 يوليو 2018

رسالة - 4#

قادتني الصدف ذات مرةٍ لأبحث عن سببٍ يدفعني للحياة، فالتقطتُ حاسوبي وفتحتُ ملفَ كتابةٍ فارغٍ وجلستُ أنظر وأنظر ولا شيء سوى دخانُ شايي يحومُ حولي يصنع هالةً سرعانَ ما تختفي أمام حاسوبي بفعل الهواء، جلستُ أنتظر ويدي على المفاتيح أكتبُ كلمةً ثم أمسحها، عايشتُ مثل تلك الحالة منذ فترةٍ ليست ببعيدة عندما كنتُ أكتب مسودة روايتي الأولى، أضغطُ على نفسي لأكتبَ لكن لا شيء. 

في قلبي غُصَّة أكادُ أجزم أنها كصدأ يأكلُ جسدي، أأكلُ فقط كي أستطيع إكمال يومي، توقفتُ عن القراءةِ، وعن كل شيء تقريبًا، أصحوا أتفقدُ هاتفي بحثًا عن أملٍ جديدٍ، ثم أضع ملابسًا على جسدي وأتجه للعمل بلا أي أملٍ أو همة، لقيماتٌ أداوي بها إجهاد جسدي، وماءٌ لاتقاء الجفاف ثم المنزل حيثُ أرتمي نحو سريري فأنام، ثم أعيدُ هذا الروتين القميءُ مرةً أخرى، يومًا تلو الآخر. 

كمْ أتمنى لو أن شيئًا لم يحدثُ، كم أرجو أن أعلمَ بأنكِ بخيرٍ وأنَ الأمور على ما يُرامُ، كم أحلمُ أن نتحاورَ فيُبيّنَ كلٌ وجهةَ نظرهِ، وتنتهي كلُ تلكَ الأحزان، أخبرتُك مرارًا وتكرارًا أنّ حبنا سينتصرُ في النهايةِ، وأنني لن أسأم من المحاولة معهم أبدًا...

باسم أول «أحبُكِ.» وآخر «سلام.» وإلى شاهدِ قبرٍ يحمل اسمي أو اسمك، وباقة وردٍ تغوص في دموع الفراق تحمليها أو أفعل في سوادِ الليلِ وسواد الحدادِ، ودموعٌ تأبى الانهمار نجاهد أعيننا كي تذرفها، وإلى أن نلتقي... مجددًا... أو في حياةٍ أخرى، أو في زيارةٍ في ليلةٍ الذكرى، أو في هلوسةٍ من الهلوسات، وفي كل رسالةٍ حُفرت في الأذهان... لن أسأمَ أبدًا وحبي لك أبديٌّ لن يتوقفَ .

باسم أول «أحبُكِ.» وآخر «سلام.»...


*****

أراكم المرة القادمة...

الخميس، 5 يوليو 2018

رسالة – 3#


عزيزتي،

في البدء اعلمي أنني أحاولُ ولن يثنيني شيء عن ذلك.
محبوبتي، ضلتَّ سبلنا فجأة دون أي مقدماتٍ، نعم أخطئنا، لكنّنا لم نكن أبدًا ظالمين، لم يظلمُ بعضنا بعضًا بوعودٍ زائفة، كنّا مثالًا للصدقِ في كل شيءِ، وما زلنا...
أكتبُ لكِ وقد ضاقت بيَ السبل، ضلتّ أرواحنا في صحراء الحياةِ القاحلة، وجلّ ما تبقى لنا هو سرابُ حبنا الذي يتمثّل لنا فنستجمع حطامَ أجسادنا تجاهه، نحملُ ذكرياتنا وآمالنا نحوه، لا سبيل لنا سواهُ، حتى عندما نصلُ ونجده يبتعد، نبتسم لأننّا نؤمنُ به حتى وإن خذلتنا كُل الظروفِ، فعندما يتمثلُ أمامنا تضيءُ قلوبنا بذكرياتنا السعيدة، بابتسامتنا حتى عندما تخور قوانا ونعجزُ عن النهوضِ مرةً أخرى.
العطشى في الصحراءِ يتخيّلون الماء في كلِ سراب، أما نحنُ فيتمثل لنا حبنا، لنعاود المقاتلة من جديد. وعدتكِ أنني سأفعلُ المستحيلَ من أجلكِ، ولكنّهم يأبون حتى ذلك المستحيلِ، وكأنهّم يتعمّدون جرحنا لأنّنا أحببنا.
يقتلونّني ظنًا، وظنهم أثمٌ. نحنُ نخطئُ لأنّنا بشرٌ، نخطئٌ وحينَ ندركُ أخطائنا نندمُ ونتوبُ، لأنّ لا ملاذ لنا سوى أن نتوبُ وندعو أن يُغفر لنا، ولأننّا نؤمنُ بأن التوبة هي الصوابُ.
أعدُكِ أنني سأحاولُ حتى النهايةِ، أحاولُ من أجلكِ، خبّريهم أن ظنونهم تلكَ أثمٌ، وخبريّهم أنّني مستعدٌ لأن يسمعوا مني، لا أن يسمعوا عني، وأن لا يبنوا حائطهم الظنين بينَ قلبي وقلبكَ لأنني مهما طالَ الزمانُ سأحطمّه كي أصل إليكِ، وسأصل.

أحبكِ حتى النهاية.


العطشى في الصحراءِ يتخيّلون الماء في كلِ سراب، أما نحنُ فيتمثل لنا حبنا، لنعاود المقاتلة من جديد...


*****

أراكم المرة القادمة...