خطاب الرئيس.

عادة لا أستمعُ باهتمامٍ إلي خطابات الرئيس لكن البارحة قررت قراراً بمشاهدة خطاب الرئيس، ليس من أجل الكوميديا لا سمح الله، لكن من أجل أن نتعرف علي الطريقِ إلى (30 يونيه) كيف يكون؟ كنت أعلم أن خطابات الرئيس هي الداعم الأول لجميع المظاهرات التي قامت ضده، فهل يكون هذه المرة الداعم الأول لحملة (تمرد) ومظاهرات (30 يونيه).

المشهد: هو مشهدٌ يجمعُ أفرادَ العائلة بجانب التلفاز في مشهدٍ يبعث في المشاهد روحَ الوحدة الوطنية فالليبرالي بجانب السلفيّ ومؤيدي الرئيس، نعم، العائلة فيها نوع من التنوع الفكري ونظراتٍ مختلفة للخطاب، فهناك من يبحث عن الكوميديا والآخر من يبحث عن اي إنجاز ولو كان صغيراً بحثاً عن أي أمل في (مشروعٍ إسلاميّ) لا نعرف له خططاً أو علامات أو دلالات غير أن رئيسنا حافظ للقرآن ويصلي الفروض وما إلا ذلك.

أعترفُ أنني أفتقدُ (مكرم محمد)، كاتب خطابات الرئيس المخلوع، فرغم اختلافي مع مبارك وعلي شخصية (مكرم محمد) الفلولية، إلا أن جميعَ أطيافِ الشعب نفتقد خطابات المخلوع التي لا تحتاج إلي ترجمة أو تحليل أو أن تكون في الطرف المناصر له لتفهمها، كانت الخطابات واضحة جداً ’’أنا... جمال... الداخلية، أو الفوضى‘‘، حتى جاء أول رئيس مدني مُنتخب بعد انتفاضةٍ شعبيةٍ عارمةٍ، أدت إلي خلع (مُبارك)، وتلاها حكمٌ للعسكر، ثم انتخابات ثم (محمد مرسي عيس العياط Aka ’’ذا فيرست إيجيبشن رئيس مدني مُنتخب‘‘).

لا أدري لما تّذكرني القاعة والحاضرين فيها بالمخلوع والتصفيق المصطنع والمهلّلون، مسرحية هزلية، بأداء مصطنع وبإخراجٍ فاشلٍ للجمهور، ربما يرجع ذلك لسمعة الرئيس السيئة التي اكتسبها من خطاباته السابقة، ربما يكون أول رئيس يبدأ الخطاب يوم الأربعاء وينتهي منه يوم الخميس؛ هلك المُصَّفقون! هكذا علّق أحد معارفي علي الفيس بوك، وبعد مُضيّ نصف ساعة من التعريض بشفيق باتهامات، وبعض القضاة الذي ادّعى تزويرهم، ومضي الأمر تحول الخطاب إلي مأساة وكارثة بكل المقاييس.

’’المصريون غير قابلين للانضغاط!‘‘1، ماذا كان يقصد الرئيس بهذه الجملة؟ لا مهلاً، هل كان الرئيس يقصد أننا من المواد السائلة الغير قابلة للإنضغاط؟! أوه، لا، ام كان... يقصد أننا نتشكل حسب شكل الإناء الذي نوضع به2، هل كان يقصد... أننا منافقون، هذا إتهامٌ صريح، ومن هذا المنطلق هل نتقدم ببلاغ للنائب العام ضد الرئيس!

’’مفيش أزمة بنزين، الجراكن هي المشكلة!‘‘3، يقول الرئيس بأن هناك شخص ما قال له بأن محطات البنزين تهرّب البنزين في جراكن، ماذا لو سمع أحد المواطنين خطاب الرئيس وصدقه وذهب لمحطة البنزين ليجد عامل محطة البنزين يخبره بعدم وجود بنزين؟ ليوجهه المواطن بما قاله الرئيس ويتهمه بالسرقة، فما يكون من صاحب المحطة أن يأتي ببلطجية للدفاع عنه وعن المحطة من مواطنين صدقوا الرئيس في كلامه، إذن ليس هناك أزمة بنزين، لكن بم تفسر سيدي الرئيس عدم وجود بنزين في محطات (وطنية) التابعة للقوات المسلحة، هل تشارك القوات المسلحة أصحاب البنزينات الأخرى في سرقة البنزين وبيعه في السوق السوداء؟!

يبدوا أن مبارك كان علي حقٍ بأن الحكومة تبذل قصارا جهدها لكن المشكلة في الشعب، والرئيس ليس له ذنبٌ فيها، والمعارضة تتصيّد الأخطاء، من أجل إفشال الرئيس صاحب الضربة الجوية الأولى المزعومة.

خرجنا من عصر مبارك بتلك الجملة: ’’(مبارك) بطل الحرب والسلام وصاحب الضربة الجوية الأولى.‘‘، لكن السؤال الحقيقيّ هل نخرج من عصر (مرسي) بهذه الجملة ’’(مرسي) أول رئيس مدني مُنتخب.‘‘


’’الرِّجَالُ أَرْبَعَةٌ : رَجُلٌ يَدْرِي ويَدْرِي أَنَّهُ يَدْرِي فَذَلِكَ عَالِمٌ فَاتَّبِعُوهُ وَسَلُوهُ ، وَرَجُلٌ لا يَدْرِي ويَدْرِي أَنَّهُ لا يَدْرِي فَذَلِكَ جَاهِلٌ فَعَلِّمُوهُ ، وَرَجُلٌ يَدْرِي وَلا يَدْرِي أَنَّهُ يَدْرِي فَذَلِكَ عَاقِلٌ فَنَبِّهُوهُ ، وَرَجُلٌ لا يَدْرِي وَلا يَدْرِي أَنَّهُ لا يَدْرِي فَذَلِكَ مَائِقٌ فَاحْذَرُوهُ‘‘4
- الخليل بن أحمد
صورة من الجزيلرة مباشر مصر، لخطاب الرئيس مرسي البارحة.


أراكم المرة القادمة...

1،3: مما قاله الرئيس في خطاب الأمس
2: حقيقة علمية، أن السوائل غير قابلة للإنضغاط وتأخذ حجم الإناء الموضوعة فيه.
4: http://library.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?bk_no=696&pid=151261&hid=957

تعليقات

  1. مقال أكثر من رائع

    خش اليوم السابع أخبار عاجلة و أقرأ ردود أفعال الناس عن الخطاب

    ردحذف
    الردود
    1. أشكرك صديقي أحمد، وحالاً سأقوم بقرآتها :)

      حذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تعقيبًا على هوامش العودة.

غطرستنا...

وأفوّضُ أمري إلى الله.