شرعية أبوك

في ظل هذه الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد، وهذا الاحتقان الذي ساد البلد منذ أيام؛ لا أدري لما أنا في مثل هذه الحالة من الخمول، ربما بعضاً من الكافيين سيفدينني لأتخلص من هذا الخمول الشديد، أريدُ أن أتخلص من هذا الخمول لشيء واحدٍ فقط لأنني سمعت أن هناك بياناً للرئيس، فكيف أستمع لأول رئيس مدنيّ مُنتخب وأنا في مثل هذه الحالة، فيا هل ترى يُكتبُ ليّ أن أشاهد البيان بذهنٍ صافٍ وآذان صاغية كالمعتاد، أم أسقط فريسة الخمول وأنام في مُنتصفه؟

ها أنا أسمعُ خطاب الرئيس بعد كوبان من الشاي أسمع لا أنظر إلي التلفاز، أسمعه فقط، هو يبدأ بسم الله والصلاة والسلام علي رسوله وعلي ألة أجمعين، وأتساءل هل يغير الرئيس من أسلوبه هذه المرة فهذه المرة ليست خطاباً إنها بيان وفقط... أرجوا أن يكون مُغايراً لسابقه، وألا يخلوا من الكوميدية المعهودة، ها هو يتحدث الرئيس عن ذكريات جمعت الشعب به من ثورة إلي انتخابات إلي جولة إعادة لم ينفذ فيها أي من وعوده التي وعد بها القوى كي تساعده ضد شفيق ثم قسمين قسمهما في التحرير وأمام المحكمة الدستورية ثم كونه رئيساً أخطأ في بعض الأحيان وصولاً إلي وقتنا الحالي، صدقني ما قرأته في بضع سطورٍ هو ألقاه ببراعته المعهودة في 20 دقيقة كاملة!

ثم باقي البيان تلخص في ’’الشرعية... الشرعية... الشهداء... الثورة... الدولة العميقة... الشرعية... الشرعية... النظام البائد... الشرعية الدستورية... الشرعية الانتخابية... أتمسك بهم جميعاً‘‘، دعونا نمح هذا البيان الغير مسؤول الذي يحرض علي العنف والدم من ذاكرتنا، ونعقد مقارنة بين رئيسنا الحالي العبيط ورؤساء مصر السابقين منذ قديم الأذل وصولاً لأول عبيطٍ مُنتخب بإرادة شعبية وثورية...

هؤلاء كانوا حكام مصر: (الملك بطليموس الثاني): تول حكم مصر عام 283 قبل الميلاد، وقام بغزو ليبيا بعد محاولة أخيه الاستقلال بمصر وسيطر علي أجزاء من سوريا وبعض جزر اليونان وكان الأسطول البحريّ في عهده من أقوى الأساطيل البحرية، قام ببناء ’’منارة الإسكندرية‘‘ –أحد عجائب الدنيا السبع- وكانت تُدعى بـ(Pharos ) التي دُمرت إثر زلزال عنيف ضرب الإسكندرية في عام 1303، كانت الإسكندرية فيه منارة للعلم وكان يجلب الفلاسفة والعلماء من كافة أرجاء العالم، ولم يكن الأمرُ قاصراً علي تجميع الكتبِ فحسب، بل نشطت أيضاُ الترجمة ومن أشهر الترجمات الترجمة المعروفة للتوراة بـ(ترجمة السبعينية).1

(السلطان طومان باي)، تول حكم مصر عام 1512 ميلادية، تول الحكم في عصر اضطرابات شديدة جداً، وعلي الرغم من ذلك استطاع أن يحقق إصلاحات كبيرة ويُدشن المدارس والكتاتيب ويكسب حُب المصريين، ويُقال أنه لم يرغب في تول الحكُم إلا بعد إلحاحٍ شديد وتعهدٍ من الأمراء له بالسمع والطاعة.2

(محمد علي باشا)، تول عرش مصر عام 1805 ميلادية، مؤسس مصر الحديثة، خاض في بداية حكمه حروباً كثيرة ضد الإنجليز والمماليك وحروباً ضد الوهابيين، والثوار اليونانيين وقام بضم السودان، وقاد حروباً ضد جيوشها في الشام والأناضول، وكاد يسقط الدولة العثمانية، وشهدت مصر في عصره نهضة رهيبة في جميع المجالات صناعياً وزراعياً وعسكرياً... إلخ. وجعل مصر من الدول القليلة ذات القوى في هذا الوقت.3

هؤلاء حُكام مصر، وتمر الأيام والليالي والشهور والسنون، لنشهد (محمد مرسي) الذ ي جل ما فعله هو أنه أول رئيس مدني مُنتخب صاحب الرقم القياسيّ في تكرار كلمة ’’شرعية 195 مرة في بيانٍ لم يتجاوز الـ70 دقيقة‘‘، فحتى ميزته الوحيدة في شيءٍ لم يفعله، اللهم لا اعتراض علي قدرك يا الله...

هؤلاء  وغيرهم الكثير إستحقوا الشرعية؛ بما قدموه في أحلك الأوقات صعوبة وظلاماً ونالوا تلك الشرعية فقط عندما قدموا الغالي والنفيس من أجل لوطن ومن  أجلها،  تريد شرعية وأنت تشوه كرسياً جلس عليه العُظماء في التاريخ حتى الفاسدون لم يشوهوا لقب الرئيس المصريّ كما فعلت، وتأتي اليوم لتطالب بشرعية؟ ماذا قدمت لتنالها؟

337px-ModernEgypt,_Muhammad_Ali_by_Auguste_Couder,_BAP_17996
Mehemet Ali Viceroy of Egypt.
Auguste Couder (1790–1873)
أراكم المرة القادمة...

1: بطليموس الثاني
2: طومان باي
3: محمد علي باشا

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تعقيبًا على هوامش العودة.

غطرستنا...

سمايلي فيس.