أمريكا تريدها إسلامية

قال لي وقد بدت العصبية في كلامه: ’’أمريكا لا تريد للدولة الإسلامية أن تقوم في مصر! أنظر كيف تهاب قياداتهم تنظيمات الجهاد.‘‘ فضحكت فأستطرد قائلاً: ’’أمريكا تعلم إنه لو قامت الدولَة الإسلامية في مصر، هذا يعني نهاية أمريكا‘‘ ثم ابتسم وقال ’’ولأنك ليبرالي حقير، لا تعرف شيئاً عن الإسلام تستنكر هذا فأمريكا بالنسبة إليك الأب والابن وروح القُدس.‘‘. رددت عليه قائلاً بما أننّي ذلك الليبراليِ الحقير الذي يعتبر أمريكا هي الأب والابن وروح القُدس بالنسبة إليّ دعني أعرفّك بها. إن أمريكا عزيزي تريد مصر إسلاميّة، ششت، دعني أكمل كلامي... لم أقاطعك فاحترمني وأحترم آداب الإسلام التي كنت تحدثني عنها من ثوانٍ، أمريكا هي أكثر الدول استفادة من الدول الإسلامية، تنظيم القاعدة، طالبان كانوا أهم المكاسب الأمريكيّة، تعال معي أفتح عقلك المنغلق علي أساطير الخلافة الإسلاميّة والحلم الكاذب الذي تغنّيت بيه طوال هذه المدة، وافتح عقلك علي حقائق لن يستوعبها عقلٌ مثل عقلك بمُفرده.

هل تعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تكن قادرة علي محو كل الإرهابين دُعاة الخِلافة الإسلامية وقتلهم جميعاً من أجل الحفاظ علي نفسها من هجماتهم المُتكررة؟ هل تعتقد أن أمريكا حقاً عجزت عن إيجادهم وإيجاد قياداتهم؟ كم أنت ساذجٌ عزيزي، هناك قناةٌ تدعى الجزيرة، أتعرفها وصلت إليهم وأجرت لقاءاتٍ عدة مع قياداتهم. ألم تسأل نفسك سؤالاً بسيطاً لماذا لم ينظّم السي آي أيه مُراسلاً لطيفاً وسيماً ليجري حواراً معهم ويدس في أحدهم إحدى شرائح التتبع اللطيفة. أعجزت السي آي أيه حقاً عن دس شريحة تتبع أو تجنيد أحدهم ليتطوع في التنظيم ويصبح عينهم فيه؟ أعجز المُوساد عن دس شريحة تتبع في كرسيّ الشيخ أحمد ياسين؟

أوه، لا، أعلم أن أفكارك مشوّشة الآن، دعني أُكمل تنظيف مخك من الهراء الذي خدعوك به في صغرك، وربما أنشدوا لك الأناشيد قبل نومك طوال فترة طفولتك، شكّلوا عقلك في فترة طفولتك لكن الآن نما لك عقلاً فلتستخدمه، ابق في حالة النُكران التي أرها في عينيّكَ الآن إلي أن تقوم الساعة. أوه، ربما أمريكا تخاف من الغضب الشعبيّ الذي سيحدث لو أنها فعلت فعلتها -محو كل الإرهابين دعاة الخلافة الإسلامية من علي الخريطة- ، دعني أعود مرة أخرى للشيخِ القعيد، ماذا حدث بعد اغتياله؟ هل أعلن العرب الزحف لإسرائيل؟ بالطبع لا، عدة مظاهرات هنا وهناك، بعض العمليات الانتحارية وبمرور الأيام طوت ذاكرة التاريخ صفحته وربما لم تعد تسمع اسمه في خطبِ المساجد.

بن لادن، أتعرفُ كم سمعتُ عنه الأساطيرَ في صِغري؟ أنّه صلاح الدين هذا العصر، وهتفتُ في مظاهراتٍ في الابتدائية، وساعدتُ في حرقت العلمَ الإسرائيليّ، وكُنتُ سعيداً بذلك، أحسستُ ساعتها أنني بطلٌ، وحين أنظرُ إلي نفسي الآن أتعجبُ هل حققتُ انتصاراً هكذا؟ أم شاركتُ في مهزلةٍ تاريخية تقتصرُ القضية في العلم الإسرائيليّ كم كُنتُ ساذجاً ساعتها! وربما أمعِنُ التفكير في الرجل العنكبوت المصريّ الآن هل تذكرونه؟ ذلك الشاب الذي تسلق المبنى ليُنزل العلم الأمريكيّ من علي السفارة، أعتقدُ أنّك اعتبرته انتصاراً، وربما لو كانَ هذا الشابَ إسلامياً لساعدَ بشدة أحزاب التيارات الدينية في معركتها الانتخابية في البرلمان.
دعني أعودُ بك إلي بن لادن، بن لادن الذي يُعدُ أسطورة الإسلام تلقى أموال الربا، نعم جاهدَ بأموالِ الربا، وليست فقط أموال رباً من بلدٍ عربيّ لا، تلق أموال الربا من أمريكا! نعم يا سادة فعلها، لا تتفوه بكلمة إن الله غفورٌ رحيم، تلق بن لادن دعماً ماليّ من أمريكا في جهاده ضد السُوفييت، وفي حِوارٍ مع لاري كينج علي السي أن أن:

بندر بن سُلطان: ومن المُفارقات، لو تتذكر... في الثمانينات... نحنُ والولايات المتحدة الأمريكيّة كُنّا نُدعم المُجاهِدين لتحرير أفغانستان من السُوفييت وجاء بن لادن ليَشكُرني علي جهودي الرامية في جلب الأمريكان ليُساعدونا ضد المُلحدين، أليست من المُفارقات؟
لاري كينج: يا للسُخرية، بمعنىً آخر، جاء ليشكرك علي جلبِ الأمريكان لمُساعدته.
بندر بن سُلطان: نعم! 1
’’أنتَ تَكذب!‘‘، ابتسمتُ واستطردتُ قائلاً: إنه النُكران عزيزي! لكن، دعّني أتغاضى عن ذلكَ وأقولُ لك إن أمريكا كانت أكثرَ الدولِ استفادةً من بن لادن وأعوانه، تَظُنني ساذجاً الآن وأرى الضحكة ترتسمُ شيئاً فشيئاً علي وجهك، دعنا نتحدث عن أحداثِ الحادي عشر من سبتمبر كُنتُ ساذجاً ساعتها وهتفتُ مع القطيع لبِن لادن، نعم، هو أصبح في نظري صلاحُ الدين هذا العصر بلا مُنازعٍ. إنها علاماتُ النصر، لقد تحققت أخيراً دعواتُ المسلمين الذي ظل يُرددها لسنين وسنين، لكنّي كُنتُ أحمقاً فعندما كبرتُ ونما لي عقلاً وأصبحتُ أطالعُ الكُتبَ اكتشفتُ أننا قد خُدعنا، لأن أحداث الحادي عشر من سبتمبر كانت أكبر غطاءٍ لأمريكا منذ عقود. تلك الأحداث أعطت لأمريكا غطاءً شعبياً لغزو العراق بجانب التخوف من حيازة العراق لأسلحة نووية، وأعطت غطاء شعبي لترحيل أكثر من 10 آلاف عربي أمريكي، كما أنها ساعدت علي نشر الكراهية التمييز ضد المُسلمين في أمريكا.

أمريكا تُريدها إسلامية لأن الإسلاميين مشغولون بالوصولِ إلي السلطة دون أن يُهّيئوا أنفسهم لها2، فوصولِ الإسلاميين علي شاكلتهم هذه أفضل ما يُمكن أن تتمناهُ أمريكا، تخبط وتخبط واختصارٌ للدولة في قضايا    مثل الحجاب والنقاب وتساؤل ما إن كان العلم الدنيوي أفضل أم الديني؟ وما إن كان يجبُ عليهم –الإسلاميين- أن يساندوا أمريكا في حربها علي إيران. أن يُكمموا أفواه الليبراليين والعلمانيين والاشتراكيين والشيوعيين ويُسخروا المساجد للدعوة إليهم، والدعاء للإرهابيين في سيناء أن يعينهم الله في تفجير سفارة تتخذها أمريكا سبباً لغزو دولة عربية وتُزيدُ الحقد والكراهية علي الإسلام والمسلمين بدلاً من أن يقوموا بتفجير معسكر للجيش الإسرائيلي أو الأمريكي المُنتشرة في جميع الدول العربية إلا ما رحمَ ربي.

إذا كانوا مُجاهدين حقاً لِم ينسفون سفارة ومباني في عُزّل وأفرادٌ من الجيشِ المصري لو أنهم بهذه الشجاعة فلينطلقوا ليتسللو إلي الأنفاق إلي فلسطين ثم منها إلي إسرائيل ويقتلوا جُندياً واثنين. أم هم بارعون حقاً في خطف الجنود المصريين والاتصال بالرئيس المسلم الذي سيحافظ علي حياتهم وحياة المُختطِفين، وأخيراً إذا كانت فترة مُرسي كانت فيها مصر إسلامية بأمن سيناء الذي يحفظ سلامة إسرائيل، فإذاً أمريكا تُريدها إسلامية. ولا أستبعد أن ينزل أوباما لإشارة رابعة ليصيح مع الموجودين هناك: ’’إسلامية... إسلامية!‘‘ ولتشتعل منصة رابعة كما اشتعلت للفيزون من قبل لكن هذه المرة: ’’يا أوباما قلت إيه... مرسي رئيس لا يُعلى عليه.‘‘
فما كان من صاحبنا إلا أن نظر إليّ وقام من مجلسه وغادر المكان دون إلقاء السلام وخرج وهو يُتمتم ’’ربنا يهديك!‘‘

AmericaIslam
ملحوظة تم معالجة الموضوع علي هيئة حوار.


أراكم المرة القادمة...

1: مترجم لحوار لاري كينج مع الأمير بندر بن سُلطان من هُنا
2: من كلمات الشيخ: محمد الغزالي.

تعليقات

  1. أحترم رأيك كثيرا علىالرغم من عدم اتفاقى معك فى شيئين اتمنى من الله ان تكون قد غفلت عنهم ولم تقصدهم بالمعنى الذى فهمته من كلماتك السابقة :-

    1- ما قمت بذكرهم فى كلامهك ليسوا من الاسلام فى شئ ...... فما كنت ارجوه فى تسميتك لهم ان يكونوا المتأسلمين بدلا من الاسلاميين وبدلا من من يريدون الخلافة الاسلامية لأنهم يضرون الاسلام كونهم اداة فى يد امريكا كما قمت حضرتك بالذكر سالفه .

    2- ...... تخبط وتخبط واختصارٌ للدولة في قضايا تافه مثل (( الحجاب والنقاب ))...... تلك ليست قضايا تافهةانما هى سنة عن نبيى ورسولى وحبيبي صلى الله عليه وسلم وهى من دينى الاسلام فلا تسفهها هكذا بالشكل السافر هذا...........

    3- شكرا واتمنى ان تحاذر فى كلماتك فيما بعد فالكلمة رغم تبدو فى شكلها سهلة لكنها يمكن ان تحمل عليك وزرا كبيرا جدا والله المستعان

    ردحذف
    الردود
    1. شكراً لك (غير مُعرّف)، وأعتذرُ عن التأخير في الرد...

      أما ردي علي الجزئية الأولى في كلامكَ أرجوا منك أن تُ‘يد القراءة فأنا لم أنعتهم سوى بـ’’الإرهابيين دُعاة الخلافة‘‘.أما بالنسبة إلي عبارة:’’لأن الإسلاميين مشغولون بالوصولِ إلي السلطة دون أن يُهّيئوا أنفسهم لها‘‘ فهيَ للشيخ الغزالي والموضوع مُزّيل بالمصادر أسفله وموضوعة كما قالها الشيخ للبعد عن تحريف ما قاله.

      ثانياً: أعلم أن تلك القضايا ليست تافه وأنها سُنن مُؤكدة لكنكَ قُمتَ بإنتقاء جملة:’’قضايا تافه مثل الحجاب والنقاب‘‘ ولم تتأمل الكلماتِ السابقة لها:’’اختصارٌ للدولة في قضايا تافه مثل الحجاب والنقاب‘‘ والمقصود إختصار الدولة ومشاكلها الإقتصادية والسياسية والتحدث عن أن الحجاب والنقاب هم أساس النهضة والتقدم وراجع أيضاً كتاب إنجازات الرئيس مرسي والذي أقتبس منه’’أول مذيعة مُحجّبة‘‘ لكنها مقابل الجوع والغذاء وأطفال الشوارع الذين لا يجدون الملبس لا تساوي شيئاًومن أساسيات الإسلام التي تُعطل بسبب الجوع الحدود فالسارق إذا سرق من أجل الطعام لا تقطع يده والزاني لا يُرجم حتى تُوّفر له الدولة زوجة، وعلي الرغم من ذلك حذفتها منعاً للفهم الخاطئ.

      وأخيراً شكراً لكم علي تعليقكم وعلي نصيحتكم القيّمة وعيد سعيد وأهلاً بكم في مُدونتي المُتواضعة.

      حذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تعقيبًا على هوامش العودة.

غطرستنا...

وأفوّضُ أمري إلى الله.