الأربعاء، 6 مارس 2024

غطرستنا...

 تساءلتُ هذهِ الليلةِ عن سبيلٍ لحالاتِ الأسى التي لا تنتهي، عن الحالِ الذي وصلنا إليهِ، عن دماءٍ لا تتوقف عن النزيفِ وكل ما نملكهُ هو أملٌ ودعاءٌ نشدوا ونتشدّق بهِ كل ليلةٍ، مُضطرين سائلين المولى عز وجل أن يُنصفنا ويثأر لنا... داعينَ: «أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ».

فهل من سبيلٍ حقًا سوى الدعاء؟ يَخشى المرءُ أن يكون هناكَ سبيلٌ آخر لذلك حتى لا نُأثم، هناك سُبلٌ حتمًا ولكننّا نأباها ونرفض تصديقها، كهذا النصُ الذي تقرأهُ الآن على منصةٍ تدعمُ الاحتلال وتقول ذلكَ صراحةً وبعلنيةٍ في تحدٍ لنا واختبارٍ وما أشدّهُ من اختبار؛ اختبارٌ لضعفنا وخوائِنا وفراغِنا وهشاشةِ مواقفنا التي تفضحنا كل مرةٍ في سبيل لقمة العيشِ ونمطِ حيواتِنا الذي نأبى تغييره، نفاقٌ شديدٌ يتبيّنه الفطينُ الذي يعلم بواطنَ الأمورِ؛ يعلمُ بأننا نخسر كل حربٍ لأننا لا نحارب أبدًا، ندخل الحرب بأسلوبنا وعاداتنا الشرقيةِ بالعنترياتِ والخطابةِ، التي والله ما قتلت نملةً أو ذبابةً تمامًا كما قال «نزار قباني»:

«إذا خَسِرنَا الحَربَ لا غَرَابةْ
لأنَّنَا نَدْخُلُهَا... بِكُلِّ مَا يَمْلِكُ الشَرْقِيُّ مِنْ مَواهِبِ الخَطَابَةْ
بِالعَنْتَرِيَاتِ التِي مَا قَتْلَتْ ذُبَابَةْ
لأْنَّنَا نَدْخُلُهَا... بِمَنِطِقِ الطَبْلَةِ والربَابَةْ»

فدعُونا نطبِّلُ على وقعِ الصواريخِ والقصف كعادتِنا بينما يُجاهدُ الآخرونَ حق الجهادِ ونقفُ نُصفّق تارةً ونجلس لنُوَلولُ تَارةً أخرى، يومًا بعد يومٍ حتى يأتي دورنا للقصفِ والموتِ، لنستلَ أسلحتنا ونخرجَ نُقاتل كما يجبُ أن نقاتل الآن لكن هذهِ المرة سيكونُ القتالُ خيانةً لكلِ مبدأٍ لأنّه ليس بقتالٍ من أجل القيم التي ندّعي بل دفاعًا عن الذاتِ والأهلِ والأقارب والوطن، قتالٌ نبيلٌ لا خلاف! ولكنّه يُثبت خَواء وفراغِ شعاراتنا التي لا تستلُ سيفًا إلّا بغطرسةِ الأنانِّي الأبلهِ الذي لم يدرك الألم حقًا إلا حين مَس أهلهُ وذويهِ. فويلٌ لنا ثم ويلٌ من غطرستنا الأنانيّة.

Kirk Dijamco-A lesson in hubris


******


أراكم المرة القادمة...

هناك 6 تعليقات: