الثلاثاء، 5 يناير 2021

هوامشٌ في دفتر الحياة.

الرغبة في الحياة لا تطيلها... تلكَ مُعضلةٌ أخرى تتوه في بحر معضلاتنا، تحتَ سماءِ الشكِ وضوءِ القمر الحزين... ورياحِ الشتاء البائسةِ التي تحملُ الخيرَ كما يقولون بأمطارها، لطالما كرهتُ فصلَ الشتاءِ كرهًا شديدًا، وليس كما يقوله أبان مدينتي أنني أكره الشتاء لضعفِ البنية التحتية وضعف جودة الشوارعِ، أنا أكره الفصل لنفسه، أكره الأمطارَ والبردْ.

لا يوجدُ شيءٌ جيدٌ في الشتاء باستثناءِ بعض النفعِ الذي يحصل عليّه المزارعين من الأمطارِ وعلى الرغم من نفعه إلّا أنّهم لا ينامون خوفًا على محاصيلهم من أمطارٍ شديدةٍ تُدّمرها بدلًا من أن تسقيها، ولعل سخريّة القدر تتمثل في الشتاء. لا شيء جيّدٌ 100% في هذه الحياة.

حتى من يموتون نتيجةَ البرد القارسِ يشعرون بحرارة شديدة قُبيل موتهم بلحظاتٍ ويجد المُسِعفين أنّ أجسادهم دافئة، على الرغم من أنّ البردَ هو قاتلهم... كم غريبةٌ هي الحياة! يطلقون على هذه الحالة «الهيبوثيرميا -Hypothermia»، تخيّل تكون في بردٍ قارس وتتجرد من ملابسك لأحساسك بالحرارة القاتلة فتتجرد من ملابسك وحياتك بأكملها.

جميعنا يرغبُ في الحياةِ، في لذاتها وحلاوتها، كثيرون هم حولها! وقليلون حول الموت، الموتُ هاديءٌ للغاية، هو النهايةُ لكل حزن وكل أملٍ، نهايةُ الذكرياتِ التي تقتلنا بحلاوتها كل يومٍ ونحن أحياء، برغبتنا في الحصول عليها مرةً أخرى، نهايةُ أحلامنا التي نسعى لتحقيقها، وتقتل أجسادنا بعذابِ التعب وشقاءِ المحاولة، نهاية المحاولاتِ ونهايةُ السقطات ونهاية وعينا بكل شيء.

ستكونُ هناكً حياةٌ أخرى غير هذه حتمًا، حياةٌ هادئةٌ تستطيع فيها المحاولةَ والنجاح، تستطيع فيها أن تحصل على ما تريده في النهاية، تحصل فيها على سعادة دائمةٍ لا يشوبها ما يعكر صفوها.

لكن الحياةُ يا عزيزي هي تُحفةٌ فنيّةٌ بحتة تصيبك فيها السعادة والحزنُ والمرض والعافيّة، حتى تفهم معناها، تلك هي حياتي وحياتُك... نحظى بفرصةٍ لنحيى ثم يحين وقتنا فلا تنتهي ولكن لتبدأ حياةُ أخرى... فرصةٌ أخرى لن نعرفها أبدًا... – فرصةٌ أخرى تتمثل في حياةٍ آخرى تبدأ وطفلٍ آخر يسعى ويصل، يعيشُ حياة سعيدة حتى آخر عمره. -

لكن لا خيار لدينا سوى أن نحيى لأن الحياةَ هي كل ما نملك، فعلى الرغم من وهننا وضعفنا وقلةَ حيلتنا لا نملك سوى أن نكون شاكرين على قوتنا وجلدنا في تحملنا لمثل هذه الظروف العصيبة. على قدرتنا العجيبةِ على المضيَّ في سلام بأقل الخسائر الممكنة، أننا نستطيع رغمًا عن كل شيء أن ننام في راحة بالٍ غير عابئين بالمستقبل وما يحمله لنا؛ لأننا نؤمن بنا وبقدرتنا على المواصلة... ننفض عنّا لباس السوء والضعف والمِحن وننطلقُ لنواصل من جديد. صفحةً أخرى جديدة... يومًا آخر من المثابرة والعمل الجاد... حتى النهاية. 

Insolation - Edward Hopper

******


أراكم المرة القادمة...

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

سوف تغرب شمسي ..دون ان تشرق مره اخرى 🎀

حموص��❤ يقول...

هاذا لي كاتب سوف تغرب شمسي مش عارف شن جيب امه هني بس 🥲💔
خلاص شن تبي تاني طيري مصح وجهك طماعه ساد قلتهلك 😐😐🔪

إرسال تعليق