السبت، 3 أبريل 2021

أحزانُ العالم الجديد الناقم!

حزينٌ هو هذا الكوكبُ، حزينٌ في إبتكاره للقيودِ التي يصنعها لنفسه، بائسٌ لأنّه لا يرى إلّا نفسه، نرسيسٌ في نفسه، لا يرى المجتمع بصورته الكاملةِ قبل رسمه لخيالاته وقوله لرأيّه! أسيرٌ هو لرغبته الدفينة في رؤيته لنفسه، ينظرُ للمواقفِ التي يراها بقناعةِ أنّه البطل، يستلُ سيفه ويخرج هاتفه الذكيِّ فيخرجُ لنا لا شيءَ سوى صورته في المرآة!

إنّ لأشد ما يُميّزُ هذا الجيلَ هو رغبته في التميّزِ، تعلِّقه بالشعارات واندماجهُ في المجموعاتِ، رغبته في الصراعِ وتسيِّد المشهد، ولأن الشباب دائمًا وأبدًا سيمتهُ التمرد، التمرد على القيودِ وأفكار سابقيه، نراه يحوم في مواقع التواصل الإجتماعيِّ، تارةً مصلحٌ إجتماعيِّ، وتارةٌ أخرى عنصريّ! ولأننّا في زمن عبقريِّ لا أحد فينا بريءٌ من العنصرية! لأن العنصرية في زمننا هي الوصمةُ التي نصم بها أو نريد أن يصمنا أخصامنا ومعارضينا بها لنشرد به وننكل به! تطوَّرت من تمييز على أساس اللون والديانةِ والجنس، فأصبحت عنصريًّا لو فتحتَ الباب وقدَّمت سيدة أمامك في المصعد! أصبحت عنصريًّا لو أصدرت فكاهةً تسخر من أيِّ شيء! تصبحُ السيدةُ عنصرية اليوم إن قالت أنّها تريد أن تُربي أطفالها وربما تُنعتُ بالذكوريِّة!

كلنّا نسعى للحرية والمساواة وأن ينالُ كلٌ منا حقه! أن تصبح الفتياتُ والفتيانُ أحرارًا في إختياراتهم! لكننا في رغبتنا تلك فقدنا تقديرنا للبشر من حولنا، فقدت السيدات تقدير والدتها وما جابهته من مصاعب في التربية! تُلام على قراراتها! تُلامُ على ودها إختياراتها في الحياة! بدعوى أنّها كانت ضحية مجتمعٍ ذكوريٍّ!

فقدنا تقديرنا للسيدات التي تعمل منذ التسعينات، وتعول أسرها وتهتمُ لبيتها وتربي أطفالها! ليصبح تكوينُ أسرة وعدم العمل – إختيارًا وصمة عار –


أصبحنا لا نرى إلّا السيء في كل المجتمع فأصبحنا ناقمين عليّه، نلومُ غضبُ أبٍ وعصبيةٍ نجهلها لكن الوالدةُ تتفهمها لأننا لا نرى المصاعب التي يواجهها في العمل! وأيضًا لا نرى المجتمع في جمالهِ في وقت المصاعب!

عاملُ يوميّة أجره اليومية 120 جنيًا يُفطر ويتناول غداءًا ب30 جنيها ليرسل المتبقي لأسرته، أبٌ يخرج قبل موعده بساعةٍ ليوصل أبنه للمدرسة ثم يذهب لعمله يختار أن لا يُفطر ليضع مال إفطاره في يد إبنه ليشتري حلوى!

أمٌ تستيقظ كل يومٍ لتوقظ الجميع وتحضر إفطار الجميع، ثم تذهب أيضًا لعملها، تختارُ أن يتم خصم نصف يومٍ كي تذهب مبكرًا قبل وصول أطفالها من المدرسةِ لنحضر لهم غدائهم!

وأطفالٌ وشبابٌ بإمتيازات ناقمون لا يعلمون ما يفعله والديهم وما يحدث لهم في العمل وكم الإهانات التي يتعرضون لها! ليثورا عليهم بأنّهم نتاج مجتمعٍ ذكوريّ ينهشُ أفكارهم! لكن في الحقيقة هم ضحيةٌ كما أنتم ضحايا لكن أنتم ضحايا بامتيازاتٍ حارب هؤلاء من أجلها ووصولوا لها من أجلكم! لكن الحياةَ لا تعطي كل شيءٍ! تتحزبون وتعتقدون أنكم مقهورين وأن العالم بأجمعه ضدكم ولكن يومًا ما ستعلمون بأن الحياة ليست كذلك وأن هناك سبب لكل ذلك وهو تضحياتٌ بريئةٌ في أصلها، وستتفهمون أنَّنا كلنا مُحافظون حين يتعلق الأمر بمن نحب! وأن الحريّة الحقيقيّة هي حريّة الفرص، وليست حريّة النتائج! 

DEAN & JAMES - THE ILLUSION OF FREEDOM, 2020


******


أراكم المرة القادمة...

هناك تعليق واحد:

حموص��❤ يقول...

الفضول مشكله😂😂😂😂❤ عن شكلك نحبك نحبككككككككككككككك خلاص طيري🙃❤

إرسال تعليق