التدوين من على حافة الجنون
لا يحتاج الإنسان عقلاً عبقريّاً أو ذكاءاً حاداً كي يُدرك مدى عبثية هذه الحياة، ومدى بُئسها، وكم القوانين التي اخترعها المرضى كي يُزيدوها بُئساً فوق بُئسها الحاليّ، سيستمر الواقع ورجال الدين والمجتمع والناس في وضعِ لمساتهم العبقرية التي ستدفعك إلى الجنون أو الإلحاد، ابتداءً من دابةٍ أكلت نصاً قرآنيّاً... انتهاءً بأن الشعر تحديّاً للقرآن والرسم تحديّاً لإبداعِ الخلاّق، أن الحياة غرضها الأول والأخير هي أن تحيى كي تموت وفقاً لقواعد المجتمع والأب والأجداد، أن تُصبح عبداً للخوف، تتخيّله في كل مكان، ومن يحفظ نصاً قرآنيّاً يحاكمك به كل موضعٍ، يظن بأنه رسول الإله. هذا فاسق وهذا مذنب وهذا مُستحلٌ دمه، مطرود من رحمة الله. سيشجعه رجال الدين والمجتمع في التكفير والتفسيق، في سفك الدم، والتلاعب بالآيات، إلى أن يسقط وحين يسقط فقط يقولون هذا ليس من الدين...
أتدرون لماذا تعج الفقرة السابقة بالسجعِ والازدواج؟ لأن لها وقعٌ على آذان العامة، لهذا يستخدمها المشايخ في خطبهم كل يوم جمعة، خطبة مدتها 40 دقيقةً، 20 منها مُقدمة وخاتمة مُزيّنة بالسجع كي تخفي فراغها وسطحيتها، و20 دقيقة أخرى من التوجيهات، -’’طب متقول اللي انتا عايزه في الـ20 دقيقة وروّحنا بدري؟‘‘. وربما حتى الـ20 دقيقة هي مجرد آراء هذا الشيء في موضوعاتٍ حياتيه، مثل الموسيقى، ومسلسلات رمضان، ويوسع الحضور في كل رأيٍ فقهيّ هذه الجملة ’’وأنا أُرّجح هذا الرأي‘‘، لسبب ما مجهول... يظن أن الناس فعلاً يقصدونه لمحاضراته وعلمه وليستمعوا إلا آرائه العبقرية... في كيف أن العلم مجرد هراء، وأن نظرية التطور أثبت خطئها... وبعض أساطير الخلافة الإسلاميّة... مثل أسطورة "وامعتصماه" وأسطورة "المُقوقس".
لماذا "وامعتصماه"؟ لأن التاريخ يكتبه المُنتصر، ويستحيل أن يكتب أنصار المُنتصر شيئاً يعادي المعتصم، فالمعتصم يحتاج مثل صدام حسين -القاتل الذي أصبح شهيداً بعد خطبة في محاكمته- شيئاً يمحوا تاريخه الأسود، فالمعتصم صاحب فتنة "خلق القرآن" ومن عذّب بن حنبل كي يعدل عن رأيه في مسألة خلق القرآن. كان لابد للأسطورة أن تُمرر وتمُّجَد كي تُغطي على الجرائم التي حدثت أثناء فترة خلافته، ’’أعطهم شيئاً كي يقاتلوا من أجله‘‘ الإنسان دائماً ما يحتاج شيئاً كي تُقاتل من أجله... الجنة... الحور العين... شعب الله المختار... منازل الشهداء، أيضاً في ظل الأزمات والكرب الشديد يجب أن نعطيهم شيئاً كي يجعلهم يصبرون... إذاً فلنعطيهم... عودةً للمسيح إذا ساءت الأحوال... وإن احتدم الصراع وفقدنا كل شيءٍ... فليكن في جعبتك المهديّ... صاحب جيش آخر الزمان، لذلك تحتاج "وامعتصماه" حين تشعر أمتك بالذل... فلنستمع للأسطورة، ونمصمص من شفتينا ونقول ’’كنّا عظاماً‘‘ أو بالأحرى ’’خيالنا واسع وبنصدق أي هري.‘‘
عبثٌ، هو عنوان حياتنا، نُولد على الخرافاتِ ونتغذى عليها حتى نؤمن بأننا شعب الله المختار، أحباء الله الوحيدين، من على غير منهجنا كفّار ومن يشكك من الملحدين، نصلي طمعاً في كرم إلّه أوسعونا كلاماً بأنه الرحيم وأنّه يعلم ما في القلب... ولا يهتم للمظاهر ومع ذلك يجب أن تربيّ اللحية وتقصر الثياب، أنّه لا كهنوت في الإسلام -بس البخاري ومسلم والشيوخ وإمام المسجد مينفعش تتكلم عليهم علشان لحوم العلماء مسمومة-، أنّ كلٌ في اللوح محفوظ، ومع ذلك الإنسان مُسيّر...
أتدرون ما البُؤس، البؤس أن تكتب حرفاً أو ترسم رسماً أو تُسّطر شعراً وترجع عن نشره خوف أن يجعلوك خارجاً عن الدين، أن تُزخرف الفن واللوحات وحين تخط بالقلم تتوقف خوف أن يعتبرون رسمك هذا إباحةً أو تحديّاً لإبداع الخلاّق... أن تخُط الشعر بليغأً عبقريّاً، ثم تتوقف خوفاً أن تُفهم قصيدتك كُفراً... أن تُبدع الرواية... ثم يقولون هذا تحدٍ للسنن والأخلاق.
وما الجنون؟، أن تعايش كل تلك الأوهام... كل تلك الأوهام... بدون أن تفقد الإيمان بكل شي. أو تقف وقفة على حافة شرفتك... لتسقط مجنوناً!
أراكم المرة القادمة...
أتدرون لماذا تعج الفقرة السابقة بالسجعِ والازدواج؟ لأن لها وقعٌ على آذان العامة، لهذا يستخدمها المشايخ في خطبهم كل يوم جمعة، خطبة مدتها 40 دقيقةً، 20 منها مُقدمة وخاتمة مُزيّنة بالسجع كي تخفي فراغها وسطحيتها، و20 دقيقة أخرى من التوجيهات، -’’طب متقول اللي انتا عايزه في الـ20 دقيقة وروّحنا بدري؟‘‘. وربما حتى الـ20 دقيقة هي مجرد آراء هذا الشيء في موضوعاتٍ حياتيه، مثل الموسيقى، ومسلسلات رمضان، ويوسع الحضور في كل رأيٍ فقهيّ هذه الجملة ’’وأنا أُرّجح هذا الرأي‘‘، لسبب ما مجهول... يظن أن الناس فعلاً يقصدونه لمحاضراته وعلمه وليستمعوا إلا آرائه العبقرية... في كيف أن العلم مجرد هراء، وأن نظرية التطور أثبت خطئها... وبعض أساطير الخلافة الإسلاميّة... مثل أسطورة "وامعتصماه" وأسطورة "المُقوقس".
لماذا "وامعتصماه"؟ لأن التاريخ يكتبه المُنتصر، ويستحيل أن يكتب أنصار المُنتصر شيئاً يعادي المعتصم، فالمعتصم يحتاج مثل صدام حسين -القاتل الذي أصبح شهيداً بعد خطبة في محاكمته- شيئاً يمحوا تاريخه الأسود، فالمعتصم صاحب فتنة "خلق القرآن" ومن عذّب بن حنبل كي يعدل عن رأيه في مسألة خلق القرآن. كان لابد للأسطورة أن تُمرر وتمُّجَد كي تُغطي على الجرائم التي حدثت أثناء فترة خلافته، ’’أعطهم شيئاً كي يقاتلوا من أجله‘‘ الإنسان دائماً ما يحتاج شيئاً كي تُقاتل من أجله... الجنة... الحور العين... شعب الله المختار... منازل الشهداء، أيضاً في ظل الأزمات والكرب الشديد يجب أن نعطيهم شيئاً كي يجعلهم يصبرون... إذاً فلنعطيهم... عودةً للمسيح إذا ساءت الأحوال... وإن احتدم الصراع وفقدنا كل شيءٍ... فليكن في جعبتك المهديّ... صاحب جيش آخر الزمان، لذلك تحتاج "وامعتصماه" حين تشعر أمتك بالذل... فلنستمع للأسطورة، ونمصمص من شفتينا ونقول ’’كنّا عظاماً‘‘ أو بالأحرى ’’خيالنا واسع وبنصدق أي هري.‘‘
عبثٌ، هو عنوان حياتنا، نُولد على الخرافاتِ ونتغذى عليها حتى نؤمن بأننا شعب الله المختار، أحباء الله الوحيدين، من على غير منهجنا كفّار ومن يشكك من الملحدين، نصلي طمعاً في كرم إلّه أوسعونا كلاماً بأنه الرحيم وأنّه يعلم ما في القلب... ولا يهتم للمظاهر ومع ذلك يجب أن تربيّ اللحية وتقصر الثياب، أنّه لا كهنوت في الإسلام -بس البخاري ومسلم والشيوخ وإمام المسجد مينفعش تتكلم عليهم علشان لحوم العلماء مسمومة-، أنّ كلٌ في اللوح محفوظ، ومع ذلك الإنسان مُسيّر...
أتدرون ما البُؤس، البؤس أن تكتب حرفاً أو ترسم رسماً أو تُسّطر شعراً وترجع عن نشره خوف أن يجعلوك خارجاً عن الدين، أن تُزخرف الفن واللوحات وحين تخط بالقلم تتوقف خوف أن يعتبرون رسمك هذا إباحةً أو تحديّاً لإبداع الخلاّق... أن تخُط الشعر بليغأً عبقريّاً، ثم تتوقف خوفاً أن تُفهم قصيدتك كُفراً... أن تُبدع الرواية... ثم يقولون هذا تحدٍ للسنن والأخلاق.
وما الجنون؟، أن تعايش كل تلك الأوهام... كل تلك الأوهام... بدون أن تفقد الإيمان بكل شي. أو تقف وقفة على حافة شرفتك... لتسقط مجنوناً!
وما الجنون؟، أن تعايش كل تلك الأوهام... كل تلك الأوهام... |
أراكم المرة القادمة...
تعليقات
إرسال تعليق